Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 11-16)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أى { ٱللَّهُ } - تعالى - وحده هو { يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ } أى ينشئه ويوجده على غير مثال سابق ، { ثُمَّ يُعِيدُهُ } أى إلى الحياة مرة أخرى يوم القيامة { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } للحساب والجزاء ، فيجازى - سبحانه - كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب . وأفرد - سبحانه - الضمير فى { يُعِيدُهُ } باعتبار لفظ الخلق . وجمعه فى قوله { تُرْجَعُونَ } باعتبار معناه . ثم ذكر - سبحانه - حال المجرمين يوم القيامة فقال { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } و { يُبْلِسُ } من الإِبلاس بمعنى السكوت والذهول وانقطاع الحجة ، يقال أبلس الرجل ، إذا وقف ساكتا حائرا مبهوتا لا يجد كلاما ينقذه مما هو فيه من بلاء . أى ويوم تقوم الساعة ، ويشاهد المجرمون أهوالها ، يصابون بالذهوب والحيرة والسكوت المطبق ، لانقطاع حجتهم ، وشدة حزنهم وهمهم ، ويأسهم من النجاة يأسا تاما . { وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ } فى هذا اليوم { مِّن شُرَكَآئِهِمْ } الذين عبدوهم فى الدنيا { شُفَعَاءُ } يشفعون لهم ، ويجيرونهم من عذاب الله . { وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ } أى أنهم فى هذا اليوم العسير لم يكن لها من شفعاء يشفعون لهم . بل إنهم صاروا فى هذا اليوم الشديد ، كافرين بشركائهم الذين توهموا منهم الشفاعة ، لأنهم يوم القيامة تتجلى لهم الحقائق ، ويعرفون أن هؤلاء الشركاء لا يرجى منهم نفع ، ولا يخشى منهم ضر . ثم كرر - سبحانه - هذا المعنى على سبيل التأكيد والتهويل من شأنه فقال { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } . والضمير فى قوله { يَتَفَرَّقُونَ } للناس جميعا . والمراد بتفرقهم أن كل طائفة منهم تتجه إلى الجهة التى أمرهم - سبحانه - بالتوجه إليها ، لينال كلٌّ جزاءه . ثم بين - سبحانه - كيفية هذا التفريق فقال { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } . والروضة تطلق على كل مكان مرتفع زاخر بالنبات الحسن . والمراد بها هنا الجنة ويحبرون من الحبور بمعنى الفرح والسرور والابتهاج . أى ويوم تقوم الساعة ، فى هذا اليوم يتفرق الناس إلى فريقين ، فأما فريق الذين آمنا وعملوا فى دنياهم الأعمال الصالحات ، فسيكونون فى الآخرة فى جنة عظيمة ، يسرون بدخولها سرورا عظيما ، وينعمون فيها نعيما لا يحيط به الوصف . { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالله وبرسله وباليوم الآخر { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } الدالة على وحدانيتنا وصدق أنبيائنا { فَأُوْلَـٰئِكَ } الكافرون { فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } أى مقيمون فيه ، ومجموعون إليه ، بحيث لا يستطيعون الهروب منه - والعياذ بالله . وبعد هذا البيان المؤثر لأهوال يوم القيامة ، ولأحوال الناس فيه … ساق - سبحانه - أنواعا متعددة من الأدلة والبراهين على وحدانيته - عز وجل - وقدرته ، ورحمته بخلقه فقال - تعالى - { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ … ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } .