Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 1-3)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

افتتحت سورة الأحزاب بهذا النداء لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم وبهذا الوصف الكريم ، وهو الوصف بالنبوة ، على سبيل التشريف والتعظيم . قال صاحب الكشاف جعل - سبحانه - نداءه بالنبى والرسول فى قوله { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ } . { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ } وترك نداءه باسمه ، كما قال يا آدم ، يا موسى ، يا عيسى ، يا داود كرامة له وتشريفا ، وتنويها بفضله . فإن قلت إن لم يوقع اسمه فى النداء . فقد أوقعه فى الإِخبار ، فى قوله { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ } قلت ذلك لتعليم الناس بأنه رسول ، وتلقين لهم أن يسموه بذلك ويدعوه به . والمراد بأمره بتقوى الله المداومة على ذلك ، والازدياد من هذه التقوى . أى واظب - أيها النبى الكريم - على تقوى الله ، وعلى مراقبته ، وعلى الخوف منه ، وأكثر من ذلك ، فإن تقوى الله ، على رأس الفضائل التى يحبها - سبحانه - . قال ابن كثير هذا تنبيه بالأعلى على الأدنى ، فإنه - تعالى - إذا كان يأمر عبده ورسوله بهذا ، فلأن يأتمر من دونه بذلك بطريق الأولى والأحرى . وقد قال خلف بن حبيب التقوى أن تعمل بطاعة الله ، على نور من الله ، ترجوا ثواب الله . وبعد الأمر بالتقوى ، جاء النهى عن طاعة غير المؤمنين ، فقال - تعالى - { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ } . أى واظب - أيها النبى الكريم - على تقوى الله ، واجتنب طاعة الكافرين الذين جحدوا نعم الله عليهم ، وعبدوا معه آلهة أخرى ، واجتنب كذلك طاعة المنافقين الذين يظهرون الإِسلام ويخفون الكفر . وفى إيراد هذا النهى بعد الأمر بتقوى الله ، إشارة وإيحاء إلى ما كان يبذله هؤلاء الكافرون والمنافقون من جهود عنيفة ، لزحزحة النبى صلى الله عليه وسلم عما هو عليه من حق ، ولصرفه عن دعوتهم إلى الإِسلام . وقد ذكروا فى سبب نزول هذه الآية روايات منها أن جماعة من أهل مكة ، طلبوا من النبى صلى الله عليه وسلم أن يرجع عن قوله ، وأن يعطوه شطر أموالهم ، وأن المنافقين واليهود بالمدينة هدوده بالقتل إن لم يرجع عن دعوتهم إلى الإِسلام ، فنزلت . وقوله - تعالى - { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } تعليل الأمر والنهى ، أى اتبع ما أمرناك به ، ومنا نهيناك عنه ، لأن الله - تعالى - عليم بكل شئ ، وحكيم فى كل أقواله وأفعاله . ثم أمره - سبحانه - باتباع ما يوحيه إليه فقال { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبِّكَ … } أى واظب على تقوى الله ، وابتعد عن طاعة أعدائك ، واتبع فى كل ما تأتى وتذر ، كل ما نوحيه إليك من عندنا اتباعا تاما . فالجملة الكريمة معطوفة على ما قبلها . من قبيل عطف العام على الخاص . وفى النص على أن الوحى إليه صلى الله عليه وسلم وأن هذا الوحى من ربه الذى تولاه بالتربية والرعاية ، إشعار بوجوب الاتباع التام الذى لا يشوبه انحراف أو تردد . ثم أكد - سبحانه - هذا الأمر تأكيدا قويا فقال { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } أى إنه - تعالى - خبير ومحيط بحركات النفوس وبخفايا القلوب ، وكل ن يخالف ما أمرناه به ، أو نهيناه عنه ، فلا يخفى علينا أمره ، وسنجازيه يوم القيامة بما يستحقه . وقوله - سبحانه - { وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ ٱللَّهِ } أى وفوض أمرك إليه - عز وجل - وحده . { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } أى وكفى بربك حافظا لك ، وكفيلا بتدبير أمرك . فأنت ترى أن هذه الآيات الكريمة قد تضمنت ثلاثة أوامر تقوى الله ، واتباع وحيه ، والتوكل عليه - تعالى - وحده . كما تضمنت نهيه صلى الله عليه وسلم عن طاعة الكافرين والمنافقين . وباتباع هذه الأوامر والنواهى ، يسعد الأفراد ، وتسعد الأمم . ثم أبطل - سبحانه - بعض العادات التى كان متفشية فى المجتمع ، وكانت لا تتناسب مع شريعة الإِسلام وآدابه ، فقال - تعالى - { مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ … ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } .