Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 40-41)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هاتان الآيتان تصوران أكمل تصوير استحالة دخول المشركين الجنة بسبب تكذيبهم لآيات الله واستكبارهم عنها . وقد فسر بعض العلماء قوله - تعالى - { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ } بمعنى ، لا تقبل أعمالهم ولا ترفع إلى الله كما ترفع أعمال الصالحين . قال - تعالى - { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } وفسره بعضهم بمعنى أن أرواحهم لا تصعد إلى السماء بعد الموت ، لأنها قد أغلقت عليهم بسبب شركهم ، ولكنها تفتح لأرواح المؤمنين . والمراد أن الكافرين عند موتهم وعند حسابهم يوم القيامة يكونون على غضب الله ولعنته بسبب ما ارتكبوه فى الدنيا من شرك وظلم . أما قوله - تعالى - { وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } فمعناه أن هؤلاء المشركين لا تفتح لأعمالهم ولا لأرواحهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يدخل ما هو مثل فى الضخامة وهو الجمل الكبير ، فيما هو مثل فى الضيق وهو ثقب الإِبرة . وفى قراءة { حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ } - بضم الجيم وتشديد الميم وفتحها - وهو الحبل الغليظ أى لا يدخلون الجنة حتى يدخل الحبل الغليظ الذى تربط به السفن فى ذلك الثقب الصغير للإِبرة ، وهيهات أن يحصل هذا ، فكما أنه غير ممكن حصول ذلك فكذلك غير ممكن دخول المشركين الجنة . قال الجمل فى حاشيته ولا يدخلون الجنى حتى يلج الجمل فى سم الخياط . الولوج الدخول بشدة ، ولذلك يقال هو الدخول فى ضيق فهو أخص من مطلق الدخول . والجمل معروف وهو الذكر من الإِبل ، وسم الخياط ، ثقب الإِبرة ، وإنما خص الجمل بالذكر من بين سائر الحيوانات لأنه أكبرها ، وثقب الإِبرة من أضيق المنافذ ، فكان ولوج الجمل مع عظم جسمه فى ثقب الإِبرة الضيق محالا فثبت أن الموقوف على المحال محال ، فوجب بهذا الاعتبار أن دخول الكفار الجنة ميئوس منه قطعا . وقوله { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُجْرِمِينَ } معناه ومثل ذلك الجزاء الرهيب نجزى جنس المجرمين ، الذين صار الاجرام وصفا لازما لهم . ثم بين - سبحانه - ما أعد لهم فى النار فقال { لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } . جهنم اسم الدار العذاب . والمهاد الفراش . والغواشى جمع غاشية ، وهى ما يغشى الشىء أى يغطيه ويستره . أى أن هؤلاء المكذبين لهم نار جهنم تحيط بهم من فوقهم ومن تحتهم ، فهى من تحتهم بمنزلة الفراش ، ومن فوقهم بمثابة الغطاء ، ومثل ذلك الجزاء نجزى كل ظالم ومشرك . وإلى هنا تكون الآيات الكريمة قد بينت لنا بأسلوب مؤثر مصور حال المشركين عندما تقبض أرواحهم ، وحالهم عندما يقفون أمام الله للحساب ، وحالهم عندما يلعن بعضهم بعضا ، وحالهم والعذاب من فوقهم ومن أسفل منهم ، وهى مشاهد تفزع النفوس ، وتحمل العقلاء على الاستقامة والاهتداء . ثم نرى السورة بعد ذلك تسوق لنا ما أعده الله للمؤمنين بعد أن بينت فيما سبق عاقبة الكافرين فقال - تعالى - { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ … } .