Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 123-123)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله { يَلُونَكُمْ } من الولى بمعنى القرب ، تقول جلست مما يلى فلان أى يقاربه . قال ابن كثير أمر الله المؤمنين أن يقاتلوا الكفار أولا فأولا ، الأقرب فالأقرب ، إلى حوزة الإِسلام ، ولهذا بدأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقتال المشركين فى جزيرة العرب ، فلما فرغ منهم وفتح الله عليه مكة والمدينة واليمن … وغير ذلك من أقاليم العرب ، دخل الناس من سائر أحياء العرب فى دين الله أفواجا ، شرع فى قتال أهل الكتاب ، فتجهز لغزو الروم الذين هم أقرب الناس إلى جزيرة العرب ، وأولى الناس بالدعوة إلى الإِسلام لأنهم أهل كتاب ، فبلغ تبوك ثم رجع لأجل جهد الناس ، وجدب البلاد ، وضيق الحال ، ذلك سنة تسع من الهجرة ، ثم اشتغل فى السنة العاشرة بحجة الوداع ، ثم عاجلته المنية - صلوات الله وسلامه عليه - بعد حجة الوداع بأحد وثمانين يوما وسار خلفاؤه الراشدون من بعده على نهجه . وقوله { وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً } أى وليجد الكفار منكم غلظة عليهم فى قتالكم ، فإن المؤمن الكامل هو الذى يكون رفيقا بأخيه المؤمن ، غليظا على عدوه الكافر . قال - تعالى - { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } وفى الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " أنا الضحوك القتال " يعنى أنه ضحوك فى وجه وليه المؤمن ، قتال لهامة عدوه الكافر . وقوله { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } تذييل قصد به حض المؤمنين على التسلح بسلاح الإِيمان والتقوى حتى ينالوا نصر الله وعونه . أى واعلموا أن الله - تعالى - مع المتقين بنصره ومعونته ، فاحرصوا على هذه الصفة ليستمر معكم نصره - سبحانه - وعونه . وإنما أمر الله - تعالى - المؤمنين أن يبدأوا قتالهم مع الأقرب فالأقرب من ديارهم ، لأن القتال شرع لتأمين الدعوة الإِسلامية ، وقد كانت دعوة الإِسلام موجهة إلى الأقرب فالأقرب ، فكان من الحكمة أن يبدأوا قتالهم مع المجاورين لهم حتى يأمنوا شرهم ، ولأنه من المعلوم أنه ليس فى طاقة المسلمين قتال جميع الكفار ، وغزو جميع البلاد فى زمان واحد ، فكان من قرب أولى ممن بعد . ثم ختمت السورة - ايضاً - حديثها الطويل المتنوع عن المنافقين ببيان موقفهم من نزول الآيات القرآنية على الرسول - صلى الله عليه وسلم - . فقال - تعالى - { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ … قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } .