Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 5-10)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَاءً } أي ذات ضياء وهو مصدر كقيام أو جمع ضوء كسياط وسوط والياء فيه منقلبة عن الواو . وقرأ ابن كثير برواية قنبل هنا وفي « الأنبياء » وفي « القصص » « ضئاء » بهمزتين على القلب بتقديم اللام على العين . { وَٱلْقَمَرَ نُوراً } أي ذا نور أو سمي نوراً للمبالغة وهو أعم من الضوء كما عرفت ، وقيل ما بالذات ضوء وما بالعرض نور ، وقد نبه سبحانه وتعالى بذلك على أنه خلق الشمس نيرة في ذاتها والقمر نيراً بعرض مقابلة الشمس والاكتساب منها . { وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ } الضمير لكل واحد أي قدر مسير كل واحد منهما منازل ، أو قدره ذا منازل أو للقمر وتخصيصه بالذكر لسرعة سيره ومعاينة منازله وإناطة أحكام الشرع به ولذلك علله بقوله : { لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسّنِينَ وَٱلْحِسَابَ } حساب الأوقات من الأشهر والأيام في معاملاتكم وتصرفاتكم . { مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقّ } إلا ملتبساً بالحق مراعياً فيه مقتضى الحكمة البالغة . { يُفَصّلُ ٱلآيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } فإنهم المنتفعون بالتأمل فيها وقرأ ابن كثير والبصريان وحفص « يفصل » بالياء . { إِنَّ فِى ٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } من أنواع الكائنات . { لأَيَاتٍ } على وجود الصانع ووحدته وكمال علمه وقدرته . { لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ } العواقب فإنه يحملهم على التفكر والتدبر . { إَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا } لا يتوقعونه لإنكارهم البعث وذهولهم بالمحسوسات عما وراءها . { وَرَضُواْ بِٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا } من الآخرة لغفلتهم عنها . { وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا } وسكنوا إليها مقصرين هممهم على لذائذها وزخارفها ، أو سكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها . { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ ءايَـٰتِنَا غَـٰفِلُونَ } لا يتفكرون فيها لانهماكهم فيما يضادها والعطف إما لتغاير الوصفين والتنبيه على أن الوعيد على الجمع بين الذهول عن الآيات رأساً والانهماك في الشهوات بحيث لا تخطر الآخرة ببالهم أصلاً ، وإما لتغاير الفريقين والمراد بالأولين من أنكر البعث ولم ير إلاَّ الحياة الدنيا وبالآخرين من أَلهاه حب العاجل عن التأمل في الآجل والاعداد له . { أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } بما واظبوا عليه وتمرنوا به من المعاصي . { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } بسبب إيمانهم إلى سلوك سبيل يؤدي إلى الجنة ، أو لإدراك الحقائق كما قال عليه الصلاة والسلام " من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم " أو لما يريدونه في الجنة ، ومفهوم الترتيب وإن دل على أن سبب الهداية هو الإِيمان والعمل الصالح لكن دل منطوق قوله : { بِإِيمَانِهِمْ } على استقلال الإِيمان بالسببية وأن العمل الصالح كالتتمة والرديف له . { تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَـٰرُ } استئناف أو خبر ثان أو حال من الضمير المنصوب على المعنى الأخير ، وقوله : { فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ } خبر أو حال أخرى منه ، أو من { ٱلأَنْهَـٰرَ } أو متعلق بـ { تَجْرِى } أو بيهدي . { دَعْوٰهُمْ فِيهَا } أي دعاؤهم . { سُبْحَـٰنَكَ ٱللَّهُمَّ } اللهم إنا نسبحك تسبيحاً . { وَتَحِيَّتُهُمْ } ما يحيي به بعضهم بعضاً ، أو تحية الملائكة إياهم . { فِيهَا سَلاَمٌ وَءَاخِرُ دَعْوَاهُمْ } وآخر دعائهم . { أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي أن يقولوا ذلك ، ولعل المعنى أنهم إذا دخلوا الجنة وعاينوا عظمة الله وكبرياءه مجدوه ونعتوه بنعوت الجلال ، ثم حياهم الملائكة بالسلامة عن الآفات والفوز بأصناف الكرامات أو الله تعالى فحمدوه وأثنوا عليه بصفات الإِكرام ، و { أن } هي المخففة من الثقيلة وقد قرىء بها وبنصب { ٱلْحَمْدُ } .