Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 88-92)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً } ما يتزين به من الملابس والمراكب ونحوهما . { وَأَمْوَالاً فِى ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } وأنواعاً من المال . { رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ } دعاء عليهم بلفظ الأمر بما علم من ممارسة أحوالهم أنه لا يكون غيره كقولك : لعن الله إبليس . وقيل اللام للعاقبة وهي متعلقة بـ { ءاتَيْتَ } ويحتمل أن تكون للعلة لأن إيتاء النعم على الكفر استدراج وتثبيت على الضلال ، ولأنهم لما جعلوها سبباً للضلال فكأنهم أوتوها ليضلوا فيكون { رَبَّنَا } تكريراً للأول تأكيداً وتنبيهاً على أن المقصود عرض ضلالهم وكفرانهم تقدمة لقوله : { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوٰلِهِمْ } أي أهلكها ، والطمس المحق وقرىء « اطْمِس » بالضم . { وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } أي وأقسها عليها حتى لا تنشرح للإيمان . { فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } جواب للدعاء أو دعاء بلفظ النهي ، أو عطف على { لِيُضِلُّواْ } وما بينهم دعاء معترض . { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا } يعني موسى وهارون لأنه كان يؤمن . { فَٱسْتَقِيمَا } فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة وإلزام الحجة ، ولا تستعجلا فإن ما طلبتما كائن ولكن في وقته . روي : أنه مكث فيهم بعد الدعاء أربعين سنة . { وَلاَ تَتَّبِعَانّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } طريق الجهلة في الاستعجال أو عدم الوثوق والاطمئنان بوعد الله تعالى ، وعن ابن عامر برواية ابن ذكوان ولا تتبعان بالنون الخفيفة وكسرها لالتقاء الساكنين ، { وَلاَ تَتَّبِعَانّ } من تبع { وَلاَ تَتَّبِعَانّ } أيضاً . { وَجَاوَزْنَا بِبَنِى إِسْرٰءيلَ ٱلْبَحْرَ } أي جوزناهم في البحر حتى بلغوا الشط حافظين لهم ، وقرىء « جوزنا » وهو من فعل المرادف لفاعل كضعف وضاعف . { فَأَتْبَعَهُمْ } فأدركهم يقال اتبعته حتى أتبعته . { فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا } باغين وعادين ، أو للبغي والعدو وقرىء « وعدوا » . { حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ } لحقه . { قَالَ ءامَنتُ أَنَّهُ } أي بأنه . { لا إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِى ءامَنَتْ بِهِ بَنواْ إِسْرٰءيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } وقرأ حمزة والكسائي أنه بالكسر على إضمار القول أو الاستئناف بدلاً وتفسيراً لـ { لآمنت } فنكب عن الإيمان أوان القبول وبالغ فيه حين لا يقبل . { ٱلئَـٰنَ } أتؤمن الآن وقد أيست من نفسك ولم يبق لك اختيار . { وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ } قبل ذلك مدة عمرك . { وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } الضالين المضلين عن الإيمان . { فَٱلْيَوْمَ نُنَجّيكَ } ننقذك مما وقع فيه قومك من قعر البحر ونجعلك طافياً ، أو نلقيك على نجوة من الأرض ليراك بنو إسرائيل . وقرأ يعقوب { نُنَجّيكَ } من أنجى ، وقرأ « ننحيك » بالحاء أي نلقيك بناحية من الساحل . { بِبَدَنِكَ } في موضع الحال أي ببدنك عارياً عن الروح ، أو كاملاً سوياً أو عرياناً من غير لباس . أو بدرعك وكانت له درع من ذهب يعرف بها . وقرىء « بأبدانك » أي بأجزاء البدن كلها كقولهم هوى بإجرامه أو بدروعك كأنه كان مظاهراً بينها . { لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً } لمن وراءك علامة وهم بنو إسرائيل إذ كان في نفوسهم من عظمته ما خيل إليهم أنه لا يهلك ، حتى كذبوا موسى عليه السلام حين أخبرهم بفرقة إلى أن عاينوه مطرحاً على ممرهم من الساحل ، أو لمن يأتي بعدك من القرون إذا سمعوا مآل أمرك ممن شاهدك عبرة ونكالاً عن الطغيان ، أو حجة تدلهم على أن الإنسان على ما كان عليه من عظم الشأن وكبرياء الملك مملوك مقهور بعيد عن مظان الربوبية . وقرىء لمن « خلقك » أي لخالقك آية أي كسائر الآيات فإن إفراده إياك بالإِلقاء إلى الساحل دليل على أن تعمد منه لكشف تزويرك وإماطة الشبهة في أمرك . وذلك دليل على كمال قدرته وعلمه وإرادته ، وهذا الوجه أيضاً محتمل على المشهور . { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ } لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها .