Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 16-22)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ } مطلقاً في مقابلة ما عملوا لأنهم استوفوا ما تقتضيه صور أعمالهم الحسنة وبقيت لهم أوزار العزائم السيئة . { وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا } لأنه لم يبق لهم ثواب في الآخرة ، أو لم يكن لأنهم لم يريدوا به وجه الله والعمدة في اقتضاء ثوابها هو الإِخلاص ، ويجوز تعليق الظرف بـ { صَنَعُواْ } على أن الضمير لـ { ٱلدُّنْيَا } . { وَبَـٰطِلٌ } في نفسه . { مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } لأنه لم يعمل على ما ينبغي ، وكأن كل واحدة من الجملتين علة لما قبلها . وقرىء « باطلاً » على أنه مفعول يعملون و { مَا } إبهامية أو في معنى المصدر كقوله : @ وَلاَ خَارِجاً منْ في زُور كَلاَم @@ وبطل على الفعل { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ } برهان من الله يدله على الحق والصواب فيما يأتيه ويذره ، والهمزة لإنكار أن يعقب من هذا شأنه هؤلاء المقصرين هممهم وأفكارهم على الدنيا وأن يقارب بينهم في المنزلة ، وهو الذي أغنى عن ذكر الخبر وتقديره أفمن كان على بينة كمن كان يريد الحياة الدنيا ، وهو حكم يعم كل مؤمن مخلص . وقيل المراد به النبي صلى الله عليه وسلم وقيل مؤمنو أهل الكتاب . { وَيَتْلُوهُ } ويتبع ذلك البرهان الذي هو دليل العقل . { شَاهِدٌ مّنْهُ } شاهد من الله يشهد بصحته وهو القرآن . { وَمِن قَبْلِهِ } ومن قبل القرآن . { كِتَابُ مُوسَىٰ } يعني التوراة فإنها أيضاً تتلوه في التصديق ، أو البينة هو القرآن { وَيَتْلُوهُ } من التلاوة والشاهد جبريل ، أو لسان الرسول صلى الله عليه وسلم على أن الضمير له أو من التلو والشاهد ملك يحفظه . والضمير في { يتلوه } إما لمن أو للبينة باعتبار المعنى { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ } جملة مبتدأة . وقرىء { كِتَابٌ } بالنصب عطفاً على الضمير في { يتلوه } أي يتلو القرآن شاهد ممن كان على بينة دالة على أنه حق كقوله : { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إِسْرٰءيلَ } [ الأحقاف : 10 ] ويقرأ من قبل القرآن التوراة . { إِمَاماً } كتاباً مؤتماً به في الدين . { وَرَحْمَةً } على المنزل عليهم لأنه الوصلة إلى الفوز بخير الدارين . { أُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلى من كان على بينة . { يُؤْمِنُونَ بِهِ } بالقرآن . { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ } من أهل مكة ومن تحزب معهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم . { فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } يردها لا محالة . { فَلاَ تَكُ فِى مِرْيَةٍ مّنْهُ } من الموعد ، أو القرآن وقرىء « مُرْيَةٍ » بالضم وهما الشك . { إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } لقلة نظرهم واختلال فكرهم . { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } كأن أسند إليه ما لم ينزله أو نفى عنه ما أنزله . { أُوْلَـٰئِكَ } أي الكاذبون . { يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبّهِمْ } في الموقف بأن يحبسوا وتعرض أعمالهم . { وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ } من الملائكة والنبيين أو من جوارحهم ، وهو جمع شاهد كأصحاب أو شهيد كأشراف جمع شريف . { هَـؤُلاء ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } تهويل عظيم مما يحيق بهم حينئذ لظلمهم بالكذب على الله . { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } عن دينه . { وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا } يصفونها بالانحراف عن الحق والصواب أو يبغون أهلها أن يعوجوا بالردة . { وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَـٰفِرُونَ } والحال أنهم كافرون بالآخرة وتكريرهم لتأكيد كفرهم واختصاصهم به . { أُولَـئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِى ٱلأَرْضِ } أي ما كانوا معجزين الله في الدنيا أن يعاقبهم . { وَمَا كَانَ لَهُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء } يمنعونهم من العقاب ولكنه أخر عقابهم إلى هذا اليوم ليكون أشد وأدوم . { يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ } استئناف وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب « يُضَّعف » بالتشديد . { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ } لتصامهم عن الحق وبغضهم له . { وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } لتعاميهم عن آيات الله ، وكأنه العلة لمضاعفة العذاب . وقيل هو بيان ما نفاه من ولاية الآلهة بقوله : { وَمَا كَانَ لَهُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء } فإن ما لا يسمع ولا يبصر لا يصلح للولاية وقوله : { يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ } اعتراض . { أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ } باشتراء عبادة الآلهة بعبادة الله تعالى … { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من الآلهة وشفاعتها ، أو خسروا بما بدلوا وضاع عنهم ما حصلوا فلم يبق معهم سوى الحسرة والندامة . { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } لا أحد أبين وأكثر خسراناً منهم .