Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 88-88)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ يَـا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّن رَّبّي } إشارة إلى ما آتاه الله من العلم والنبوة . { وَرَزَقَنِى مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا } إشارة إلى ما آتاه الله من المال الحلال ، وجواب الشرط محذوف تقديره فهل يسع مع هذا الإِنعام الجامع للسعادات الروحانية والجسمانية أن أخون في وحيه ، وأخالفه في أمره ونهيه . وهو اعتذار عما أنكروا عليه من تغيير المألوف والنهي عن دين الآباء ، والضمير في { مِنْهُ } لله أي من عنده وبإعانته بلا كد مني في تحصيله . { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَـٰكُمْ عَنْهُ } أي وما أريد أن آتي ما أنهاكم عنه لأستبد به دونكم ، فلو كان صواباً لآثرته ولم أعرض عنه فضلاً عن أن أنهى عنه ، يقال خالفت زيداً إلى كذا إذا قصدته وهو مول عنه ، وخالفته عنه إذا كان الأمر بالعكس ، { إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلَـٰحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ } ما أريد إلا أن أصلحكم بأمري بالمعروف ونهيي عن المنكر ما دمت أستطيع الإِصلاح ، فلو وجدت الصلاح فيما أنتم عليه لما نهيتكم عنه ، ولهذه الأجوبة الثلاثة على هذا النسق شأن : وهو التنبيه على أن العاقل يجب أن يراعي في كل ما يأتيه ويذره أحد حقوق ثلاثة أهمها وأعلاها حق الله تعالى ، وثانيها حق النفس ، وثالثها حق الناس . وكل ذلك يقتضي أن آمركم بما أمرتكم به وأنهاكم عما نهيتكم عنه . و { مَا } مصدرية واقعة موقع الظرف وقيل خبرية بدل من { ٱلإِصْلَـٰحَ } أي المقدار الذي استطعته ، أو إصلاح ما استطعته فحذف المضاف . { وَمَا تَوْفِيقِى إِلاَّ بِٱللَّهِ } وما توفيقي لإصابة الحق والصواب إلا بهدايته ومعونته . { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } فإنه القادر المتمكن من كل شيء وما عداه عاجز في حد ذاته ، بل معدوم ساقط عن درجة الاعتبار ، وفيه إشارة إلى محض التوحيد الذي هو أقصى مراتب العلم بالمبدأ . { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } إشارة إلى معرفة المعاد ، وهو أيضاً يفيد الحصر بتقديم الصلة على الفعل . وفي هذه الكلمات طلب التوفيق لإِصابة الحق فيما يأتيه ويذره من الله تعالى ، والاستعانة به في مجامع أمره والإِقبال عليه بشراشره ، وحسم أطماع الكفار وإظهار الفراغ عنهم وعدم المبالاة بمعاداتهم وتهديدهم بالرجوع إلى الله للجزاء .