Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 1-5)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الر تِلْكَ ءايَاتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ } { تِلْكَ } إشارة إلى آيات السورة وهي المراد بـ { ٱلْكِتَـٰبِ } ، أي تلك الآيات آيات السورة الظاهرة أمرها في الإِعجاز أو الواضحة معانيها ، أو المبينة لمن تدبرها أنها من عند الله ، أو لليهود ما سألوا إذ روي أن علماءهم قالوا لكبراء المشركين سلوا محمداً لم أنتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر وعن قصة يوسف عليه السلام فنزلت : { إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ } أي الكتاب . { قُرْءاناً عَرَبِيّاً } سمى البعض { قُرْءاناً } لأنه في الأصل اسم جنس يقع على الكل والبعض وصار علماً للكل بالغلبة ، ونصبه على الحال وهو في نفسه إما توطئة للحال التي هي { عَرَبِيّاً } أو حال لأنه مصدر بمعنى مفعول ، و { عَرَبِيّاً } صفة له أو حال من الضمير فيه أو حال بعد حال وفي كل ذلك خلاف . { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } علة لإنزاله بهذه الصفة أي أنزلناه مجموعاً أو مقروءاً بلغتكم كي تفهموه وتحيطوا بمعانيه ، أو تستعملوا فيه عقولكم فتعلموا أن اقتصاصه كذلك ممن لم يتعلم القصص معجز لا يتصور إلا بالإِيحاء . { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } أحسن الاقتصاص لأن اقتص على أبدع الأساليب ، أو أحسن ما يقص لاشتماله على العجائب والحكم والآيات والعبر فعل بمعنى مفعول كالنقص والسلب ، واشتقاقه من قص أثره إذا أتبعه { بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } أي بإيحائنا . { هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ } يعني السورة ، ويجوز أن يجعل هذا مفعول نقص على أن أحسن نصب على المصدر . { وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ } عن هذه القصة لم تخطر ببالك ولم تقرع سمعك قط ، وهو تعليل لكونه موحى وإن هي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة . { إِذْ قَالَ يُوسُفُ } بدل من { أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } إن جعل مفعولاً بدل الاشتمال ، أو منصوب باضمار اذكر و { يُوسُفَ } عبري ولو كان عربياً لصرف . وقرىء بفتح السين وكسرها على التلعب به لا على أنه مضارع بني للمفعول أو الفاعل من آسف لأن المشهورة شهدت بعجمته . { لأَبِيهِ } يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام وعنه عليه الصلاة السلام " الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم " { يَا أَبَتِ } أصله يا أبي فوض عن الياء تاء التأنيث لتناسبهما في الزيادة ولذلك قلبها هاء في الوقف ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وكسرها لأنها عوض حرف يناسبها ، وفتحها ابن عامر في كل القرآن لأنها حركة أصلها أو لأنه كان يا أبتا فحذف الألف وبقي الفتحة ، وإنما جاز « يا أبتا » ولم يجز يا أبتي لأنه جمع بين العوض والمعوض . وقرىء بالضم إجراء لها مجرى الأسماء المؤنثة بالتاء من غير اعتبار التعويض ، وإنما لم تسكن كأصلها لأنها حرف صحيح منزل منزلة الاسم فيجب تحريكها ككاف الخطاب . { إِنّى رَأَيْتُ } من الرؤيا لا من الرؤية لقوله : { لاَ تَقْصُصْ رُءيَاكَ } [ يوسف : 5 ] ولقوله : { هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَـٰى مِن قَبْلُ } [ يوسف : 100 ] { أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } . روي عن جابر رضي الله تعالى عنه ( أن يهودياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخبرني يا محمد عن النجوم التي رآهن يوسف ، فسكت فنزل جبريل عليه السلام فأخبره بذلك فقال إذا أخبرتك هل تسلم قال نعم ، قال جريان والطارق والذيال وقابس وعمودان والفليق والمصبح والضروح والفرغ ووثاب وذو الكتفين رآها يوسف والشمس والقمر نزلن من السماء وسجدن له فقال اليهودي إي والله إنها لأسماؤها ) { رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ } استئناف لبيان حالهم التي رآهم عليها فلا تكرير وإنما أجريت مجرى العقلاء لوصفها بصفاتهم . { قَالَ يَـا بُنَيَّ } تصغير ابن صغرهَ للشفقة أو لصغر السن لأنه كان ابن اثنتي عشرة سنة . وقرأ حفص هنا وفي « الصافات » بفتح الياء . { لاَ تَقْصُصْ رُءيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا } فيحتالوا لإِهلاكك حيلة ، فهم يعقوب عليه السلام من رؤياه أن الله يصطفيه لرسالته ويفوقه على إخوته ، فخاف عليه حسدهم وبغيهم والرؤيا كالرؤية غير أنها مختصة بما يكون في النوم ، فرق بينهما بحرفي التأنيث كالقربة والقربى وهي انطباع الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة إلى الحس المشترك ، والصادقة منها إنما تكون باتصال النفس بالملكوت لما بينهما من التناسب عند فراغها من تدبير البدن أدنى فراغ ، فتتصور بما فيها مما يليق بها من المعاني الحاصلة هناك ، ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة تناسبه فترسلها إلى الحس المشترك فتصير مشاهدة ، ثم إن كانت شديدة المناسبة لذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بالكلية والجزئية استغنت الرؤيا عن التعبير وإلا احتاجت إليه ، وإنما عدى كاد باللام وهو متعد بنفسه لتضمنه معنى فعل يتعدى به تأكيداً ولذلك أكد بالمصدر وعلله بقوله : { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لِلإِنْسَـٰنِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ظاهر العداوة لما فعل بآدم عليه السلام وحواء فلا يألوا جهداً في تسويلهم وإثارة الحسد فيهم حتى يحملهم على الكيد .