Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 28-33)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ } إن قولك { مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءا } أو إن السوء أو إن هذا الأمر . { مِن كَيْدِكُنَّ } من حيلتكن والخطاب لها ولأمثالها أو لسائر النساء . { إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } فإن كيد النساء ألطف وأعلق بالقلب وأشد تأثيراً في النفس ولأنهن يواجهن به الرجال والشيطان يوسوس به مسارقة . { يُوسُفَ } حذف منه حرف النداء لقربه وتفطنه للحديث . { أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا } اكتمه ولا تذكره . { وَٱسْتَغْفِرِى لِذَنبِكِ } يا راعيل . { إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَـٰطِئِينَ } من القوم المذنبين من خطىء إذا أذنب متعمداً والتذكير للتغليب . { وَقَالَ نِسْوَةٌ } هي اسم لجمع امرأة وتأنيثه بهذا الاعتبار غير حقيقي ولذلك جرد فعله وضم النون لغة فيها . { فِى ٱلْمَدِينَةِ } ظرف لقال أي أشعن الحكاية في مصر ، أو صفة نسوة وكن خمساً وزوجة الحاجب والساقي والخباز والسجان وصاحب الدواب . { ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَّفْسِهِ } تطلب مواقعة غلامها إياها . و { ٱلْعَزِيزُ } بلسان العرب الملك وأصل فتى فتي لقولهم فتيان والفتوة شاذة . { قَدْ شَغَفَهَا حُبّا } شق شغاف قلبها وهو حجابه حتى وصل إلى فؤادها حباً ، ونصبه على التمييز لصرف الفعل عنه . وقرىء « شعفها » من شعف البعير إذا هنأه بالقطران فأحرقه . { إِنَّا لَنَرَاهَا فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } في ضلال عن الرشد وبعد عن الصواب . { فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ } باغتيابهن ، وإنما سماه مكراً لأنهن أخفينه كما يخفي الماكر مكره ، أو قلن ذلك لتريهن يوسف أو لأنها استكتمتهن سرها فأفشينه عليها . { أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ } تدعوهن قيل دعت أربعين امرأة فيهن الخمس المذكورات . { وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ } ما يتكئن عليه من الوسائد . { وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً } حتى يتكئن والسكاكين بأيديهن فإذا خرج عليهن يبهتن ويشغلن عن نفوسهن فتقع أيديهن على أيديهن فيقطعنها فيبكتن بالحجة ، أو يهاب يوسف مكرها إذا خرج وحده على أربعين امرأة في أيديهن الخناجر . وقيل متكأ طعاماً أو مجلس طعام فإنهم كانوا يتكئون للطعام والشراب ترفاً ولذلك نهى عنه . قال جميل : @ فَظَللنا بِنِعْمَةٍ وَاتَكَأْنَا وَشَرِبْنَا الحَلاَلَ مِنْ قُللِهْ @@ وقيل المتكأ طعام يحز حزاً كأن القاطع يتكىء عليه بالسكين . وقرىء « متكأ » بحذف الهمزة و « متكاء » بإشباع الفتحة كمنتزاح و « متكا » وهو الأترج أو ما يقطع من متك الشيء إذا بتكه و { متكأ } من تكىء يتكأ إذا اتكأ . { وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ } عظمنه وهبن حسنه الفائق . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " رأيت يوسف ليلة المعراج كالقمر ليلة البدر " وقيل كان يرى تلألؤ وجهه على الجدران . وقيل أكبرن بمعنى حضن من أكبرت المرأة إذا حاضت لأنها تدخل الكبر بالحيض ، والهاء ضمير للمصدر أو ليوسف عليه الصلاة والسلام على حذف اللام أي حضن له من شدة الشبق كما قال المتنبي : @ خَفِ اللّهَ وَاسْتُرْ ذَا الجَمَالَ بِبرقع فَإِنَ لحتَ حَاضَتْ فِي الخُدُورِ العَواتِقُ @@ { وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } جرحنها بالسكاكين من فرط الدهشة . { وَقُلْنَ حَاشَ للَّهِ } تنزيهاً له من صفات العجز وتعجباً من قدرته على خلق مثله ، وأصله « حاشا » كما قرأ أبو عمرو في الدرج فحذفت ألفه الأخيرة تخفيفاً وهو حرف يفيد معنى التنزيه في باب الاستثناء ، فوضع موضع التنزيه واللام للبيان كما في قولك سقيا لك . وقرىء « حاش الله » بغير لام بمعنى براءة الله ، و « حاشا لله » بالتنوين على تنزيله منزلة المصدر . وقيل « حاشا » فاعل من الحشا الذي هو الناحية وفاعله ضمير يوسف أي صار في ناحية الله مما يتوهم فيه . { مَا هَـٰذَا بَشَرًا } لأن هذا الجمال غير معهود للبشر ، وهو على لغة الحجاز في إعمال ما عمل ليس لمشاركتها في نفي الحال . وقرىء بَشَرٌ بالرفع على لغة تميم و بشرى أي بعبد مشترى لئيم . { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } فإن الجمع بين الجمال الرائق والكمال الفائق والعصمة البالغة من خواص الملائكة ، أو لأن جماله فوق جمال البشر ولا يفوقه فيه إِلا الملك . { قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِى لُمْتُنَّنِى فِيهِ } أي فهو ذلك العبد الكنعاني الذي لمتنني في الافتنان به قبل أن تتصورنه حق تصوره ، ولو تصورتنه بما عاينتن لعذرتنني أو فهذا هو الذي لمتني فيه فوضع ذلك موضع هذا رفعاً لمنزلة المشار إليه . { وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَٱسَتَعْصَمَ } فامتنع طلباً للعصمة ، أقرت لهن حين عرفت أنهن يعذرنها كي يعاونها على إلانة عريكته . { وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا ءامُرُهُ } أي ما آمر به ، فحذف الجار أو أمري إياه بمعنى موجب أمري فيكون الضمير ليوسف . { لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مّن ٱلصَّـٰغِرِينَ } من الإذلاء وهو من صغر بالكسر يصغر صغراً وصغاراً والصغير من صغر بالضم صغراً . وقرىء « لَّيَكُونُنَّ » وهو يخالف خط المصحف لأن النون كتبت فيه بالألف « نسفعاً » على حكم الوقف وذلك في الخفيفة لشبهها بالتنوين . { قَالَ رَبّ ٱلسّجْنُ } وقرأ يعقوب بالفتح على المصدر . { أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِى إِلَيْهِ } أي آثر عندي من مؤاتاتها زناً نظراً إلى العاقبة وإن كان هذا مما تشتهيه النفس وذلك مما تكرهه ، وإسناد الدعوة إليهن جميعاً لأنهن خوفنه من مخالفتها وزين له مطاوعتها . أو دعونه إلى أنفسهن ، وقيل إنما ابتلي بالسجن لقوله هذا وإنما كان الأولى به أن يسأل الله العافية ولذلك رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على من كان يسأل الصبر . { وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنّى } وإن لم تصرف عني . { كَيْدَهُنَّ } في تحبيب ذلك إلي وتحسينه عندي بالتثبيت على العصمة . { أَصْبُ إِلَيْهِنَّ } أمل إلى جانبهن أو إلى أنفسهن بطبعي ومقتضى شهوتي ، والصبوة الميل إلى الهوى ومنه الصبا لأن النفوس تستطيبها وتميل إليها . وقرىء { أَصْبُ } من الصبابة وهي الشوق . { وَأَكُن مّنَ ٱلْجَـٰهِلِينَ } من السفهاء بارتكاب ما يدعونني إليه فإن الحكيم لا يفعل القبيح ، أو من الذين لا يعملون بما يعلمون فإنهم والجهال سواء .