Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 48-54)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ثُمَّ يَأْتِى مِن بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ } أي يأكل أهلهن ما ادخرتم لأجلهن فأسند إليهن على المجاز تطبيقاً بين المعبر والمعبر به . { إِلاَّ قَلِيلاً مّمَّا تُحْصِنُونَ } تحرزون لبذور الزراعة . { ثُمَّ يَأْتِى مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ } يمطرون من الغيث أو يغاثون من القحط من الغوث . { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } ما يعصر كالعنب والزيتون لكثرة الثمار . وقيل يحلبون الضروع . وقرأ حمزة والكسائي بالتاء على تغليب المستفتي ، وقرىء على بناء المفعول من عصره إذا أنجاه ويحتمل أن يكون المبني للفاعل منه أي يغيثهم الله ويغيث بعضهم بعضاً ، أو من أعصرت السحابة عليهم فعدي بنزع الخافض أو بتضمينه معنى المطر . وهذه بشارة بشرهم بها بعد أن أول البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة والعجاف واليابسات بسنين مجدبة ، وابتلاع العجاف السمان بأكل ما جمع في السنين المخصبة في السنين المجدبة ، ولعله علم ذلك بالوحي أو بأن انتهاء الجدب بالخصب ، أو بأن السنة الإِلهية على أن يوسع على عباده بعدما ضيق عليهم : { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِى بِهِ } بعد ما جاءه الرسول بالتعبير { فَلَمَّا جَاءهُ ٱلرَّسُولُ } ليخرجه . { قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنّسْوَةِ ٱلَّـٰتِى قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } إنما تأنى في الخروج وقدم سؤال النسوة وفحص حالهن لتظهر براءة ساحته ويعلم أنه سجن ظلماً فلا يقدر الحاسد أن يتوسل به إلى تقبيح أمره . وفيه دليل على أنه ينبغي أن يجتهد في نفي التهم ويتقي مواقعها . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " لو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث لأسرعـت الإِجابة " وإنما قال فاسأله ما بال النسوة ولم يقل فاسأله أن يفتش عن حالهن تهييجاً له على البحث وتحقيق الحال ، وإنما لم يتعرض لسيدته مع ما صنعت به كرماً ومراعاة للأدب وقرىء { ٱلنّسْوَةِ } بضم النون . { إِنَّ رَبّى بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } حين قلن لي أطع مولاتك ، وفيه تعظيم كيدهن والاستشهاد بعلم الله عليه وعلى أنه بريء مما قذف به والوعيد لهن على كيدهن . { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ } قال الملك لهن ما شأنكن والخطب أمر يحق أن يخاطب فيه صاحبه . { إِذْ رَاوَدتُنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ للَّهِ } تنزيه له وتعجب من قدرته على خلق عفيف مثله . { مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوء } من ذنب . { قَالَتِ ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ ٱلئَنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ } ثبت واستقر من حصحص البعير إذا ألقى مباركهُ ليناخ قال : @ فَحَصْحَصَ فِي صُمَ الصفَا ثَفَنَاتِه وَنَاءَ بِسَلْمَى نَوأَة ثُمَّ صَمَّمَا @@ أو ظهر من حص شعره إذا استأصله بحيث ظهرت بشرة رأسه . وقرىء على البناء للمفعول . { أَنَاْ رٰوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } في قولهِ : { هِىَ رَاوَدَتْنِى عَن نَّفْسِى } [ يوسف : 26 ] { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ } قاله يوسف لما عاد إليه الرسول وأخبره بكلامهن أي ذلك التثبت ليعلم العزيز . { أَنّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ } بظهر الغيب وهو حال من الفاعل أو المفعول أي لم أخنه وأنا غائب عنه ، أو وهو غائب عني أو ظرف أي بمكان الغيب وراء الأستار والأبواب المغلقة . { وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ ٱلْخَـٰئِنِينَ } لا ينفذه ولا يسدده ، أو لا يهدي الخائنين بكيدهم فأوقع الفعل على الكيد مبالغة . وفيه تعريض براعيل في خيانتها زوجها وتوكيد لأمانته ولذلك عقبه بقوله : { وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِى } أي لا أنزهها تنبيهاً على أنه لم يرد بذلك تزكية نفسه والعجب بحاله ، بل إظهار ما أنعم الله عليه من العصمة والتوفيق . وعن ابن عباس أنه لما قال : { لِيَعْلَمَ أَنّى لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ } قال له جبريل ولا حين هممت فقال : ذلك . { إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوء } من حيث إنها بالطبع مائلة إلى الشهوات فتهم بها ، وتستعمل القوى والجوارح في أثرها كل الأوقات . { إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبّى } إلا وقت رحمة ربي ، أو إلا ما رحمه الله من النفوس فعصمه من ذلك . وقيل الاستثناء منقطع أي ولكن رحمة ربي هي التي تصرف الإِساءة . وقيل الآية حكاية قول راعيل والمستثنى نفس يوسف وأضرابه . وعن ابن كثير ونافع { بالسّو } على قلب الهمزة واواً ثم الادغام . { إِنَّ رَبّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ } يغفر هَمَّ النفس ويرحم من يشاء بالعصمة أو يغفر للمستغفر لذنبه المعترف على نفسه ويرحمه ما استغفره واسترحمه مما ارتكبه . { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِى بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِى } أجعله خالصاً لنفسي . { فَلَمَّا كَلَّمَهُ } أي فلما أتوا به فكلمه وشاهد منه الرشد والدهاء . { قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ } ذو مكانة ومنزلة . { أَمِينٌ } مؤتمن على كل شيء . روي أنه لما خرج من السجن اغتسل وتنظف ولبس ثياباً جدداً ، فلما دخل على الملك قال : اللهم إني أسألك من خيره وأعوذ بعزتك وقدرتك من شره ، ثم سلم عليه ودعا له بالعبرية فقال الملك : ما هذا اللسان قال : لسان آبائي ، وكان الملك يعرف سبعين لساناً فكلمه بها فأجابه بجميعها فتعجب منه فقال : أحب أن أسمع رؤياي منك ، فحكاها ونعت له البقرات والسنابل وأماكنها على ما رآها فأجلسه على السرير وفوض إليه أمره . وقيل توفي قطفير في تلك الليالي فنصبه منصبه وزوج منه راعيل فوجدها عذراء وولد له منها أفرائيم وميشا .