Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 9-15)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ } من جملة المحكي بعد قوله إذ قالوا كأنهم اتفقوا على ذلك الأمر إلا من قال « لا تقتلوا يوسف » . وقيل إنما قاله شمعون أو دان ورضي به الآخرون . { أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضًا } منكورة بعيدة من العمران ، وهو معنى تنكيرها وإبهامها ولذلك نصبت كالظروف المبهمة . { يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ } جواب الأمر . والمعنى يصف لكم وجه أبيكم فيقبل بكليته عليكم ولا يلتفت عنكم إلى غيركم ولا ينازعكم في محبته أحد . { وَتَكُونُواْ } جزم بالعطف على { يَخْلُ } أو نصب بإضمار أن . { مِن بَعْدِهِ } من بعد يوسف أو الفراغ من أمره أو قتله أو طرحه . { قَوْمًا صَـٰلِحِينَ } تائبين إلى الله تعالى عما جنيتم أو صالحين مع أبيكم بصلح ما بينكم وبينه بعذر تمهدونه ، أو صالحين في أمر دنياكم فإنه ينتظم لكم بعده بخلو وجه أبيكم . { قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ } يعني يهوذا وكان أحسنهم فيه رأياً . وقيل روبيل . { لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ } فإن القتل عظيم . { وَأَلْقُوهُ فِى غَيَابَةِ ٱلْجُبّ } في قعره ، سمي بها لغيبويته عن أعين الناظرين . وقرأ نافع في « غيابات » في الموضعين على الجمع كأنه لتلك الجب غيابات . وقرىء « غيبة » و « غيابات » بالتشديد . { يَلْتَقِطْهُ } يأخذه . { بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ } بعض الذين يسيرون في الأَرض . { إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ } بمشورتي أو إن كنتم على أن تفعلوا ما يفرق بينه وبين أبيه . { قَالُواْ يأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ } لم تخافنا عليه . { وَإِنَّا لَهُ لَنَـٰصِحُونَ } ونحن نشفق عليه ونريد له الخير ، أرادوا به استنزاله عن رأيه في حفظه منهم لما تنسم من حسدهم ، والمشهور { تَأْمَنَّا } بالإدغام بإشمام . وعن نافع بترك الإِشمام ومن الشواذ ترك الإِدغام لأنهما من كلمتين وتيمناً بكسر التاء . { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً } إلى الصحراء . { يَرْتَعَ } نتسع في أكل الفواكه ونحوها من الرتعة وهي الخصب . { وَيََلْعَبُ } بالاستباق والانتضال . وقرأ ابن كثير نرتع بكسر العين على أنه من ارتعى يرتعي ونافع بالكسر والياء فيه وفي { يلعب } . وقرأ الكوفيون ويعقوب بالياء والسكون على إسناد الفعل إلى يوسف . وقرىء { يَرْتَعْ } من أرتع ماشيته و { يَرْتَعِ } بكسر العين و { يلعب } بالرفع على الابتداء . { وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ } من أن يناله مكروه . { قَالَ إِنّى لَيَحْزُنُنِى أَن تَذْهَبُواْ بِهِ } لشدة مفارقته علي وقلة صبري عنه . { وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذّئْبُ } لأن الأرض كانت مذأبة . وقيل رأى في المنام أن الذئب قد شد على يوسف وكان يحذره عليه ، وقد همزها على الأصل ابن كثير ونافع في رواية قالون ، وفي رواية اليزيدي وأبو عمرو وقفاً وعاصم وابن عامر وحمزة درجاً واشتقاقه من تذاءبت الريح إذا هبت من كل جهة . { وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَـٰفِلُونَ } لاشتغالكم بالرتع واللعب أو لقلة اهتمامكم بحفظه . { قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } اللام موطئة للقسم وجوابه : { إِنَّا إِذَا لَّخَـٰسِرُونَ } ضعفاء مغبونون ، أو مستحقون لأن يدعى عليهم بالخسار والواو في { وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } للحال . { فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِى غَيَابَةِ ٱلْجُبّ } وعزموا على إلقائه فيها ، والبئر بئر بيت المقدس أو بئر بأرض الأردن أو بين مصر ومدين ، أو على ثلاثة فراسخ من مقام يعقوب وجواب لما محذوف مثل فعلوا به ما فعلوا من الأذى . فقد روي ( أنهم لما بروزا به إلى الصحراء أخذوا يؤذونه ويضربونه حتى كادوا يقتلونه ، فجعل يصيح ويستغيث فقال يهوذا : أما عاهدتموني أن لا تقتلوه فأتوا به إلى البئر ، فدلوه فيها فتعلق بشفيرها فربطوا يديه ونزعوا قميصه ليلطخوه بالدم ويحتالوا به على أبيهم ، فقال : يا إخوتاه ردوا علي قميصي أتوارى به فقالوا : ادع الأحد عشر كوكباً والشمس والقمر يلبسوك ويؤنسوك فلما بلغ نصفها ألقوه وكان فيها ماء فسقط فيه ، ثم آوى إلى صخرة كانت فيها فقام عليها يبكي فجاءه جبريل بالوحي ) كما قال : { وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ } وكان ابن سبع عشرة سنة . وقيل كان مراهقاً أوحي إليه في صغره كما أوحي إلى يحيى وعيسى عليهم الصلاة والسلام . وفي القصص : أن إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار جرد عن ثيابه فأتاه جبريل عليه السلام بقميص من حرير الجنة فألبسه إياه ، فدفعه إبراهيم إلى إسحاق وإسحاق إلى يعقوب فجعله في تميمة علقها بيوسف فأخرجه جبريل عليه السلام وألبسه إياه { لَتُنَبّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا } لتحدثتهم بما فعلوا بك { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أنك يوسف لعلو شأنك وبعده عن أوهامهم وطول العهد المغير للحلى والهيئات ، وذلك إشارة إلى ما قال لهم بمصر حين دخلوا عليه ممتارين { فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } . بشره بما يؤول إليه أمره إيناساً له وتطييباً لقلبه . وقيل { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } متصل بـ { أَوْحَيْنَا } أي آنسناه بالوحي وهم لا يشعرون ذلك .