Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 17-21)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَتَجَرَّعُهُ } يتكلف جرعه وهو صفة لماء ، أو حال من الضمير في { يُسْقَىٰ } { وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ } ولا يقارب أن يسيغه فكيف يسيغه بل يغص به فيطول عذابه ، والسوغ جواز الشراب على الحلق بسهولة وقبول نفس . { وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ } أي أسبابه من الشدائد فتحيط به من جميع الجهات . وقيل من كل مكان من جسده حتى من أصول شعره وإبهام رجله . { وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } فيستريح . { وَمِن وَرَائِهِ } ومن بين يديه . { عَذَابٌ غَلِيظٌ } أي يستقبل في كل وقت عذاباً أشد مما هو عليه . وقيل هو الخلود في النار . وقيل حبس الأنفاس . وقيل الآية منقطعة عن قصة الرسل نازلة في أهل مكة طلبوا الفتح الذي هو المطر في سنيهم التي أرسل الله تعالى عليهم بدعوة رسوله ، فخيب رجاءهم فلم يسقهم ووعد لهم أن يسقيهم في جهنم بدل سقياهم صديد أهل النار . { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ } مبتدأ خبره محذوف أي فيما يتلى عليكم صفتهم التي هي مثل في الغرابة ، أو قوله { أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ } وهو على الأول جملة مستأنفة لبيان مثلهم . وقيل { أَعْمَـٰلَهُمْ } بدل من الـ { مَثَلُ } والخبر { كَرَمَادٍ } . { ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ } حملته وأسرعت الذهاب به وقرأ نافع « الرياح » . { فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } العصف اشتداد الريح وصف به زمانه للمبالغة كقولهم : نهاره صائم وليله قائم ، شبه صنائعهم من الصدقة وصلة الرحم وإغاثة الملهوف وعتق الرقاب ونحو ذلك من مكارمهم في حبوطها وذهابها هباء منثوراً ، لبنائها على غير أساس من معرفة الله تعالى والتوجه بها إليه ، أو أعمالهم للأصنام برماد طيرته الريح العاصف . { لاَّ يَقْدِرُونَ } يوم القيامة . { مِمَّا كَسَبُواْ } من أعمالهم . { عَلَىٰ شَىْءٍ } لحبوطه فلا يرون له أثراً من الثواب وهو فذلكة التمثيل . { ذٰلِكَ } إشارة إلى ضلالهم مع حسبانهم أنهم محسنون . { هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ } فإنه الغاية في البعد عن طريق الحق . { أَلَمْ تَرَ } خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد به أمته . وقيل لكل واحد من الكفرة على التلوين . { أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } والحكمة والوجه الذي يحق أن تخلق عليه ، وقرأ حمزة والكسائي « خالق السموات » . { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } يعدمكم ويخلق خلقاً آخر مكانكم ، رتب ذلك على كونه خالقاً للسموات والأرض استدلالاً به عليه ، فإن من خلق أصولهم وما يتوقف عليه تخليقهم ثم كونهم بتبديل الصور وتغيير الطبائع قدر أن يبدلهم بخلق آخر ولم يمتنع عليه ذلك كما قال : { وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } بمتعذر أو متعسر فإنه قادر لذاته لا اختصاص له بمقدور دون مقدور ، ومن كان هذا شأنه كان حقيقاً بأن يؤمن به ويعبد رجاء لثوابه وخوفاً من عقابه يوم الجزاء . { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا } أي يبرزون من قبورهم يوم القيامة لأمر الله تعالى ومحاسبته ، أو { لِلَّهِ } على ظنهم فإنهم كانوا يخفون ارتكاب الفواحش ويظنون أنها تخفى على الله تعالى ، فإذا كان يوم القيامة انكشفوا لله تعالى عند أنفسهم ، وإنما ذكر بلفظ الماضي لتحقق وقوعه . { فَقَالَ ٱلضُّعَفَاء } الأتباع جمع ضعيف يريد به ضعاف الرأي ، وإنما كتبت بالواو على لفظ من يفخم الألف قبل الهمزة فيميلها إلى الواو . { لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ } لرؤوسائهم الذين استتبعوهم واستغووهم . { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } في تكذيب الرسل والاعراض عن نصائحهم ، وهو جمع تابع كغائب وغيب ، أو مصدر نعت به للمبالغة أو على إضمار مضاف . { فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا } دافعون عنا . { مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِنْ شَىْءٍ } من الأولى للبيان واقعة موقع الحال ، والثانية للتبعيض واقعة موقع المفعول أي بعض الشيء الذي هو عذاب الله ، ويجوز أن تكونا للتبعيض أي بعض شيء هو بعض عذاب الله ، والإِعراب ما سبق ويحتمل أن تكون الأولى مفعولاً والثانية مصدراً ، أي فهل أنتم مغنون بعض العذاب بعض الإِغناء . { قَالُواْ } أي الذين استكبروا جواباً عن معاتبة الأتباع واعتذاراً عما فعلوا بهم . { لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ } للإيمان ووفقنا له . { لَهَدَيْنَاكُمْ } ولكن ضللنا فأضللناكم أي اخترنا لكم ما اخترناه لأنفسنا ، أو لو هدانا الله طريق النجاة من العذاب لهديناكم وأغنيناه عنكم كما عرضناكم له ، لكن سد دوننا طريق الخلاص . { سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا } مستويان علينا الجزع والصبر . { مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } منجى ومهرب من العذاب ، من الحيص وهو العدل على جهة الفرار ، وهو يحتمل أن يكون مكاناً كالمبيت ومصدراً كالمغيب ، ويجوز أن يكون قوله { سَوَاء عَلَيْنَا } من كلام الفريقين ويؤيده ما روي أنهم يقولون : تعالوا نجزع فيجزعون خمسمائة عام فلا ينفعهم ، فيقولون تعالوا نصبر فيصبرون كذلك ثم يقولون { سَوَاء عَلَيْنَا } .