Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 50-52)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَرَابِيلُهُم } قمصانهم . { مِّن قَطِرَانٍ } وجاء قطران لغتين فيه ، وهو ما يتحلب من الأبهل فيطبخ فتهنأ به الإِبل الجربى فيحرق الجرب بحدته ، وهو أسود منتن تشتعل فيه النار بسرعة تطلى به جلود أهل النار حتى يكون طلاؤه لهم كالقمص ، ليجتمع عليهم لذع القطران ووحشة لونه ونتن ريحه مع إسراع النار في جلودهم ، على أن التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين ، ويحتمل أن يكون تمثيلاً لما يحيط بجوهر النفس من الملكات الرديئة والهيئات الوحشية فيجلب إليها أنواعاً من الغموم والآلام ، وعن يعقوب { قطرآن } والقطر النحاس أو الصفر المذاب والآني المتناهي حره ، والجملة حال ثانية أو حال من الضمير في { مُقْرِنِينَ } . { وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } وتتغشاها لأنهم لم يتوجهوا بها إلى الحق ولم يستعملوا في تدبره مشاعرهم وحواسهم التي خلقت فيها لأجله ، كما تطلع على أفئدتهم لأنها فارغة عن المعرفة مملوءة بالجهالات ونظيره قوله تعالى : { أَفَمَن يَتَّقِى بِوَجْهِهِ سُوء ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } [ الزمر : 24 ] وقوله تعالى : { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِم } [ القمر : 48 ] { لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ } أي يفعل بهم ذلك ليجزي كل نفس مجرمة . { مَّا كَسَبَتْ } أو كل نفس من مجرمة أو مطيعة لأنه إذا بين أن المجرمين يعاقبون لإجرامهم علم أن المطيعين يثابون لطاعتهم ، ويتعين ذلك أن علق اللام بـ { بَرَزُواْ } . { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } لأنه لا يشغله حساب عن حساب . { هَـٰذَا } إشارة إلى القرآن أو السورة أو ما فيه العظة والتذكير أو ما وصفه من قوله : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ } [ إبراهيم : 42 ] { بَلَـٰغٌ لّلنَّاسِ } كفاية لهم في الموعظة . { وَلِيُنذَرُواْ بِهِ } عطف على محذوف أي لينصحوا ولينذروا بهذا البلاغ ، فتكون اللام متعلقة بالبلاغ ، ويجوز أن تتعلق بمحذوف تقديره : ولينذروا به أنزل أو تلي . وقرىء بفتح الياء من نذر به إذا علمه واستعدله . { وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } بالنظر والتأمل فيما فيه من الآيات الدالة عليه أو المبهة على ما يدل عليه { وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَـٰبِ } فيرتدعوا عما يرديهم ويتدرعوا بما يحظيهم ، واعلم أنه سبحانه وتعالى ذكر لهذا البلاغ ثلاث فوائد هي الغاية والحكمة في إنزال الكتب ، تكميل الرسل للناس ، واستكمال القوة النظرية التي منتهى كمالها التوحيد ، واستصلاح القوة العملية الذي هو التدرع بلباس التقوى ، جعلنا الله تعالى من الفائزين بهما . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة إبراهيم أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من عبد الأصنام وعدد من لم يعبدها " .