Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 6-10)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ } أي اذكروا نعمته عليكم وقت إنجائه إياكم ، ويجوز أن ينتصب بـ { عَلَيْكُمْ } إن جعلت مستقرة غير صلة للنعمة ، وذلك إذا أريد به العطية دون الأنعام ، ويجوز أن يكون بدلاً من { نِعْمَةَ اللهِ } بدل الاشتمال . { يَسُومُونَكُمْ سُوء ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ } أحوال من آل فرعون ، أو من ضمير المخاطبين والمراد بالعذاب ها هنا غير المراد به في سورة « البقرة » و « الأعراف » لأنه مفسر بالتذبيح والقتل ثمة ومعطوف عليه التذبيح ها هنا ، وهو إما جنس العذاب أو استعبادهم أو استعمالهم بالأعمال الشاقة . { وَفِى ذٰلِكُمْ } من حيث إنه بإقدار الله إياهم وإمهالهم فيه . { بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } ابتلاء منه ، ويجوز أن تكون الإشارة إلى الانجاء والمراد بالبلاء النعمة . { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } أيضاً من كلام موسى صلى الله عليه وسلم ، و { تَأَذَّنَ } بمعنى آذن كتوعد وأوعد غير أنه أبلغ لما في التفعل من معنى التكلف والمبالغة . { لَئِنْ شَكَرْتُمْ } يا بني إسرائيل ما أنعمت عليكم من الانجاء وغيره بالإِيمان والعمل الصالح . { لأَزِيدَنَّكُمْ } نعمة إلى نعمة . { وَلَئِن كَفَرْتُمْ } ما أنعمت عليكم . { إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيد } فلعلي أعذبكم على الكفران عذاباً شديداً ومن عادة أكرم الأكرمين أن يصرح بالوعد ويعرض بالوعيد ، والجملة مقول قول مقدر أو مفعول { تَأَذَّنَ } على أنه جار مجرى « قَالَ » لأنه ضرب منه . { وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعًا } من الثقلين . { فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ } عن شكركم . { حَمِيدٌ } مستحق للحمد في ذاته ، محمود تحمده الملائكة وتنطق بنعمته ذرات المخلوقات ، فما ضررتم بالكفر إلا أنفسكم حيث حرمتموها مزيد الأنعام وعرضتموها للعذاب الشديد . { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ } من كلام موسى عليه الصلاة والسلام أو كلام مبتدأ من الله . { وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ } جملة وقعت اعتراضاً ، أو الذين من بعدهم عطف على ما قبله ولا يعلمهم اعتراض ، والمعنى أنهم لكثرتهم لا يعلم عددهم إلا الله ، ولذلك قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه كذب النسابون . { جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ } فعضوها غيظاً مما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام كقوله تعالى : { عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ } [ آل عمران : 119 ] أو وضعوها عليها تعجباً منه أو استهزاء عليه كمن غلبه الضحك ، أو إسكاتاً للأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأمراً لهم باطباق الأفواه ، أو أشاروا بها إلى ألسنتهم وما نطقت به من قولهم : { إِنَّا كَفَرْنَا } تنبيهاً على أن لا جواب لهم سواه أو ردوها في أفواه الأنبياء يمنعونهم من التكلم ، وعلى هذا يحتمل أن يكون تمثيلاً . وقيل الأيدي بمعنى الأيادي أي ردوا أيادي الأنبياء التي هي مواعظهم وما أوحى إليهم من الحكم والشرائع في أفواههم ، لأنهم إذا كذبوها ولم يقبلوها فكأنهم ردوها إلى حيث جاءت منه . { وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ } على زعمكم . { وَإِنَّا لَفِى شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ } من الإِيمان وقرىء « تدعونا » بالادغام . { مُرِيبٍ } موقع في الريبة أو ذي ريبة وهي قلق النفس وأن لا تطمئن إلى الشي . { قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى ٱللَّهِ شَكٌّ } أدخلت همزة الإنكار على الظرف لأن الكلام في المشكوك فيه لا في الشك . أي إنما ندعوكم إلى الله وهو لا يحتمل الشك لكثرة الأدلة وظهور دلالتها عليه . وأشاروا إلى ذلك بقولهم : { فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } وهو صفة أو بدل ، و { شَكٌّ } مرتفع بالظرف . { يَدْعُوكُمْ } إلى الإِيمان ببعثه إيانا . { لِيَغْفِرَ لَكُمْ } أو يدعوكم إلى المغفرة كقولك : دعوته لينصرني ، على إقامة المفعول له مقام المفعول به . { مِّن ذُنُوبِكُمْ } بعض ذنوبكم وهو ما بينكم وبينه تعالى ، فإن الإسلام يجبه دون المظالم ، وقيل جيء بمن في خطاب الكفرة دون المؤمنين في جميع القرآن تفرقة بين الخطابين ، ولعل المعنى فيه أن المغفرة حيث جاءت في خطاب الكفار مرتبة على الإِيمان وحيث جاءت في خطاب المؤمنين مشفوعة بالطاعة والتجنب عن المعاصي ونحو ذلك فتتناول الخروج عن المظالم . { وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } إلى وقت سماه الله تعالى وجعله آخر أعماركم . { قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } لا فضل لكم علينا فلم تخصون بالنبوة دوننا ولو شاء الله أن يبعث إلى البشر رسلاً لبعث من جنس أفضل . { تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَاؤُنَا } بهذه الدعوى . { فَأْتُونَا بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } يدل على فضلكم واستحقاقكم لهذه المزية ، أو على صحة ادعائكم النبوة كأنهم لم يعتبروا ما جاءوا به من البينات والحجج واقترحوا عليهم آية أخرى تعنتاً ولجاجاً .