Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 34-46)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ فَٱخرج مِنْهَا } من السماء أو الجنة أو زمر الملائكة . { فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } مطرود من الخير والكرامة ، فإن من يطرد يرجم بالحجر أو شيطان يرجم بالشهب ، وهو وعيد يتضمن الجواب عن شبهته . { وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ } هذا الطرد والإِبعاد . { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } فإنه منتهى أمد اللعن ، فإنه يناسب أيام التكليف ومنه زمان الجزاء وما في قوله : { فَأَذَّنَ مُؤَذّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } [ الأعراف : 44 ] بمعنى آخر ينسى عنده هذه . وقيل إنما حد اللعن به لأنه أبعد غاية يضر بها الناس ، أو لأنه يعذب فيه بما ينسى اللعن معه فيصير كالزائل . { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى } فأخرني ، والفاء متعلقة بمحذوف دل عليه { فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } أراد أن يجد فسحة في الإِغواء أو نجاة من الموت ، إذ لا موت بعد وقت البعث فأجابه إلى الأول دون الثاني . { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } المسمى فيه أجلك عند الله ، أو انقراض الناس كلهم وهو النفخة الأولى عند الجمهور ، ويجوز أن يكون المراد بالأيام الثلاثة يوم القيامة ، واختلاف العبارات لاختلاف الاعتبارات فعبر عنه أولاً بيوم الجزاء لما عرفته وثانياً بيوم البعث ، إذ به يحصل العلم بانقطاع التكليف واليأس عن التضليل ، وثالثاً بالمعلوم لوقوعه في الكلامين ، ولا يلزم من ذلك أن لا يموت فلعله يموت أول اليوم ويبعث مع الخلائق في تضاعيفه ، وهذه المخاطبة وإن لم تكن بواسطة لم تدل على منصب إبليس لأن خطاب الله له على سبيل الإِهانة والإِذلال . { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى } الباء للقسم وما مصدرية وجوابه . { لأُزَيّنَنَّ لَهُمْ فِى ٱلأَرْضِ } والمعنى أقسم بإغوائك إياي لأزينن لهم المعاصي في الدنيا التي هي دار الغرور كقوله : { أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 176 ] وفي انعقاد القسم بأفعال لله تعالى خلاف . وقيل للسببية والمعتزلة أَوَلُو الاغواء بالنسبة إلى الغي ، أو التسبب له بأمره إياه بالسجود لآدم عليه السلام ، أو بالإِضلال عن طريق الجنة واعتذروا عن إمهال الله له ، وهو سبب لزيادة غيه وتسليط له على إغواء بني آدم بأن الله تعالى علم منه وممن تبعه أنهم يموتون على الكفر ويصيرون إلى النار أمهل أو لم يمهل ، وأن في إمهاله تعريضاً لمن خالفه لاستحقاق مزيد الثواب ، وضعف ذلك لا يخفى على ذوي الألباب . { وَلأَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } ولأحملنهم أجمعين على الغواية . { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } الذين أخلصتهم لطاعتك وطهرتهم من الشوائب فلا يعمل فيهم كيدي . وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو بالكسر في كل القرآن أي الذين أخلصوا نفوسهم لله تعالى . { قَالَ هَذَا صِرٰطٌ عَلَىَّ } حقٌ علي أن أراعيه . { مُّسْتَقِيم } لا انحراف عنه ، والإِشارة إلى ما تضمنه الاستثناء وهو تخليص المخلصين من إغوائه ، أو الإِخلاص على معنى أنه طريق { عَلَىَّ } يؤدي إِلى الوصول إليَّ من غير اعوجاج وضلال . وقرىء { عَلَىٰ } من علو الشرف . { إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } تصديق لإِبليس فيما استثناه وتغيير الوضع لتعظيم { ٱلْمُخْلَصِينَ } ، ولأن المقصود بيان عصمتهم وانقطاع مخالب الشيطان عنهم ، أو تكذيب له فيما أوهم أن له سلطاناً على من ليس بمخلص من عباده ، فإن منتهى تزيينه التحريض والتدليس كما قال : { وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَـٰنٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِى } [ ابراهيم : 22 ] وعلى هذا يكون الاستثناء منقطعاً ، وعلى الأول يدفع قول من شرط أن يكون المستثني أقل من الباقي لإِفضائه إلى تناقض الاستثناءين . { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ } لموعد الغاوين أو المتبعين . { أَجْمَعِينَ } تأكيد للضمير أو حال والعامل فيها الموعد إن جعلته مصدراً على تقدير مضاف ، ومعنى الإضافة إن جعلته اسم مكان فإنه لا يعمل . { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ } يدخلون منها لكثرتهم ، أو طبقات ينزلونها بحسب مراتبهم في المتابعة وهي : جهنم ثم لظى ، ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية ، ولعل تخصيص العدد لانحصار مجامع المهلكات في الركون إلى المحسوسات ومتابعة القوة الشهوية والغضبية ، أو لأن أهلها سبع فرق . { لِكُلّ بَابٍ مِّنْهُمْ } من الأتباع . { جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } أفرز له ، فأعلاها للموحدين العصاة ، والثاني لليهود والثالث للنصارى والرابع للصابئين والخامس للمجوس والسادس للمشركين والسابع للمنافقين ، وقرأ أبو بكر { جُزْء } بالتثقيل . وقرىء { جز } على حذف الهمزة وإلقاء حركتها على الزاي ، ثم الوقف عليه بالتشديد ثم إجراء الوصل مجرى الوقف ، ومنهم حال منه أو من المستكن في الظرف لا في { مَّقْسُومٌ } لأن الصفة لا تعمل فيما تقدم موصوفها . { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ } من أتباعه في الكفر والفواحش فإن غيرها مكفرة . { فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ } لكل واحد جنة وعين أو لكل عدة منهما كقوله تعالى : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ } [ الرحمن : 46 ] ثم قوله : { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } [ الرحمن : 62 ] وقوله : { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ } [ محمد : 15 ] الآية ، وقرأ نافع وحفص وأبو عمرو وهشام { وَعُيُونٍ } بضم العين حيث وقع والباقون بكسر العين . { ٱدْخُلُوهَا } على إرادة القول ، وقرىء بقطع الهمزة وكسر الخاء على أنه ماض فلا يكسر التنوين . { بِسَلامٍ } سالمين أو مسلماً عليكم . { ءامِنِينَ } من الآفة والزوال .