Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 84-90)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا } وهو نبيها يشهد لهم وعليهم بالإيمان والكفر . { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } في الاعتذار إذ لا عذر لهم . وقيل في الرجوع إلى الدنيا . و { ثُمَّ } لزيادة ما يحيق بهم من شدة المنع عن الاعتذار لما فيه من الإقناط الكلي على ما يمنون به من شهادة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } ولا هم يسترضون ، من العتبى وهي الرضا وانتصاب يوم بمحذوف تقديره اذكر ، أو خوفهم أو يحيق بهم ما يحيق وكذا قوله : { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلْعَذَابَ } عذاب جهنم . { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ } أي العذاب . { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } يمهلون . { وَإِذَا رَءا ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ } أوثانهم التي ادعوها شركاء ، أو الشياطين الذين شاركوهم في الكفر بالحمل عليه . { قَالُواْ رَبَّنَا هَـؤُلآء شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ } نعبدهم أو نطيعهم ، وهو اعتراف بأنهم كانوا مخطئين في ذلك ، أو التماس لأن يشطر عذابهم . { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَـٰذِبُونَ } أي أجابوهم بالتكذيب في أنهم شركاء الله ، أو أنهم ما عبدوهم حقيقة وإنما عبدوا أهواءهم كقوله تعالى : { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَـٰدَتِهِمْ } [ مريم : 82 ] ولا يمتنع إنطاق الله الأصنام به حينئذ ، أو في أنهم حملوهم على الكفر وألزموهم إياه كقوله : { وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَـٰنٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي } [ إبراهيم : 22 ] { وَأَلْقَوْاْ } وألقى الذين ظلموا . { إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } الاستسلام لحكمه بعد الاستكبار في الدنيا . { وَضَلَّ عَنْهُم } وضاع عنهم وبطل . { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من أن آلهتهم ينصرونهم ويشفعون لهم حين كذبوهم وتبرؤوا منهم . { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } بالمنع عن الإسلام والحمل على الكفر . { زِدْنَـٰهُمْ عَذَابًا } لصدهم . { فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } المستحق بكفرهم . { بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } بكونهم مفسدين بصدهم . { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مّنْ أَنفُسِهِمْ } يعني نبيهم فإن نبي كل أمة بعث منهم . { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد . { شَهِيدًا عَلَىٰ هَـؤُلآء } على أمتك . { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } استئناف أو حال بإضمار قد . { تِبْيَانًا } بياناً بليغاً . { لّكُلِّ شَيْءٍ } من أمور الدين على التفصيل أو الإجمال بالإحالة إلى السنة أو القياس . { وَهُدًى وَرَحْمَةً } للجميع وإنما حرمان المحروم من تفريطه . { وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } خاصة . { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ } بالتوسط في الأمور اعتقاداً كالتوحيد المتوسط بين التعطيل والتشريك ، والقول بالكسب المتوسط بين محض الجبر والقدر ، وعملاً كالتعبد بأداء الواجبات المتوسط بين البطالة والترهب ، وخلقاً كالجود المتوسط بين البخل والتبذير . { وَٱلإْحْسَانِ } إحسان الطاعات ، وهو إما بحسب الكمية كالتطوع بالنوافل أو بحسب الكيفية كما قال عليه الصلاة والسلام " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " { وَإِيتَآء ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } وإعطاء الأقارب ما يحتاجون إليه وهو تخصيص بعد تعميم للمبالغة . { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ } عن الإِفراط في متابعة القوة الشهوية كالزنا فإنه أقبح أحوال الإنسان وأشنعها . { وَٱلْمُنْكَرِ } ما ينكر على متعاطيه في إثارة القوة الغضبية . { وَٱلْبَغْيِ } والاستعلاء والاستيلاء على الناس والتجبر عليهم ، فإنها الشيطنة التي هي مقتضى القوة الوهمية ، ولا يوجد من الإنسان شر إلا وهو مندرج في هذه الأقسام صادر بتوسط إحدى هذه القوى الثلاث ، ولذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه : هي أجمع آية في القرآن للخير والشر . وصارت سبب إسلام عثمان بن مظعون رضي الله تعالى عنه ، ولو لم يكن في القرآن غير هذه الآية لصدق عليه أنه تبيان لكل شيء وهدى ورحمة للعالمين ، ولعل إيرادها عقب قوله : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } للتنبيه عليه . { يَعِظُكُمُ } بالأمر والنهي والميز بين الخير والشر . { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } تتعظون .