Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 109-111)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ } كرره لاختلاف الحال والسبب فإن الأول للشكر عند إنجاز الوعد والثاني لما أثر فيهم من مواعظ القرآن حال كونهم باكين من خشية الله ، وذكر الذقن لأنه أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد ، واللام فيه لاختصاص الخرور به . { وَيَزِيدُهُمْ } سماع القرآن { خُشُوعًا } كما يزيدهم علماً ويقيناً بالله { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ } نزلت حين سمع المشركون رسول الله يقول : يا الله يا رحمن فقالوا إنه ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلهاً آخر . أو قالت اليهود : إنك لتقل ذكر الرحمن وقد أكثره الله في التوراة ، والمراد على الأول هو التسوية بين اللفظين بأنهما يطلقان على ذات واحدة وإن اختلف اعتبار إطلاقهما ، والتوحيد إنما هو للذات الذي هو المعبود المطلق وعلى الثاني أنهما سيان في حسن الإطلاق والإفضاء إلى المقصود وهو أجود لقوله : { أَيّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ } والدعاء في الآية بمعنى التسمية وهو يتعدى إلى مفعولين حذف أولهما استغناء عنه وأو للتخيير والتنوين في { أَيّا } عوض عن المضاف إليه ، و { مَا } صلة لتأكيد ما في { أَيّا } من الإِبهام ، والضمير في { فَلَهُ } للمسمى لأن التسمية له لا للاسم ، وكان أصل الكلام { أَيّا مَّا تَدْعُواْ } فهو حسن ، فوضع موضعه فله الأسماء الحسنى للمبالغة والدلالة على ما هو الدليل عليه وكونها حسنى لدلالتها على صفات الجلال والإكرام . { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ } بقراءة صلاتك حتى تسمع المشركين ، فإن ذلك يحملهم على السب واللغو فيها . { وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } حتى لا تسمع من خلفك من المؤمنين . { وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ } بين الجهر والمخافتة . { سَبِيلاً } وسطاً فإن الاقتصاد في جميع الأمور محبوب . روي أن أبا بكر رضي الله عنه كان يخفت ويقول : أناجي ربي وقد علم حاجتي ، وعمر رضي الله عنه كان يجهر ويقول أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان ، فلما نزلت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يرفع قليلاً وعمر أن يخفض قليلاً . وقيل معناه لا تجهر بصلاتك كلها ولا تخافت بها بأسرها وابتغ بين ذلك سبيلاً بالإِخفات نهاراً والجهر ليلاً . { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِى ٱلْمُلْكِ } في الألوهية . { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِىٌّ مَّنَ ٱلذُّلّ } ولي يواليه من أجل مذلة به ليدفعها بموالاته نفي عنه أن يكون له ما يشاركه من جنسه ومن غير جنسه اختياراً واضطراراً ، وما يعاونه ويقويه ، ورتب الحمد عليه للدلالة على أنه الذي يستحق جنس الحمد لأنه الكامل الذات المنفرد بالإِيجاد ، المنعم على الإطلاق وما عداه ناقص مملوك نعمة ، أو منعم عليه ولذلك عطف عليه قوله : { وَكَبّرْهُ تَكْبِيرًا } وفيه تنبيه على أن العبد وإن بالغ في التنزيه والتمجيد واجتهد في العبادة والتحميد ينبغي أن يعترف بالقصور عن حقه في ذلك . روي أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أفصح الغلام من بني عبد المطلب علمه هذه الآية ، وعنه عليه السلام " من قرأ سورة بني إسرائيل فرق قلبه عند ذكر الوالدين ، كان له قنطار في الجنة " والقنطار ألف أوقية ومائتا أوقية ، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .