Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 1-1)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقيل إلا قوله تعالى : { وإن كادوا ليفتنونك } إلى آخر ثمان آيات وهي مائة وإحدى عشرة آية { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً } سبحان اسم بمعنى التسبيح { ٱلَّذِى } هو التنزيه يستعمل علماً له فيقطع عن الإِضافة ويمنع عن الصرف قال : @ قَدْ قُلْتُ لَمَّا جَاءَني فَخْرُهُ سبحان من علقمة الفاخر @@ وانتصابه بفعل متروك إظهاره ، وتصدير الكلام به للتنزيه عن العجز عما ذكر بعد . و { أَسْرَىٰ } وسرى بمعنى ، و { لَيْلاً } نصب على الظرف . وفائدته الدلالة بتنكيره على تقليل مدة الإسراء ، ولذلك قرىء : من « الليل » . أي بعضه كقوله : { وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ } [ الإسراء : 79 ] { مّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } بعينه لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال : " بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبريل بالبراق " أو « من الحرم » وسماه المسجد الحرام لأنه كله مسجد أو لأنه محيط به ، أو ليطابق المبدأ المنتهى . لما " روي أنه صلى الله عليه وسلم كـان نائماً في بيت أم هانىء بعد صلاة العشاء فأسرى به ورجع من ليلته ، وقص القصة عليها وقال : مثل لي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فصليت بهم " ثم خرج إلى المسجد الحرام وأخبر به قريشاً فتعجبوا منه استحالة ، وارتد ناس ممن آمن به ، وسعى رجال إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه فقال : إن كان قال لقد صدق ، فقالوا : أتصدقه على ذلك ، قال : إني لأصدقه على أبعد من ذلك فسمي الصديق ، واستنعته طائفة سافروا إلى بيت المقدس فجلى له فطفق ينظر إليه وينعته لهم ، فقالوا : أما النعت فقد أصاب فقالوا أخبرنا عن عيرنا ، فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها وقال تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق ، فخرجوا يشتدون إلى الثنية فصادفوا العير كما أخبر ، ثم لم يؤمنوا وقالوا ما هذا إلا سحر مبين وكان ذلك قبل الهجرة بسنة . واختلف في أنه كان في المنام أو في اليقظة بروحه أو بجسده ، والأكثر على أنه أسرى بجسده إلى بيت المقدس ، ثم عرج به إلى السموات حتى انتهى إلى سدرة المنتهى ، ولذلك تعجب قريش واستحالوه ، والاستحالة مدفوعة بما ثبت في الهندسة أن ما بين طرفي قرص الشمس ضعف ما بين طرفي كرة الأرض مائة ونيفاً وستين مرة ، ثم إن طرفها الأسفل يصل موضع طرفها الأعلى في أقل من ثانية ، وقد برهن في الكلام أن الأجسام متساوية في قبول الأعراض وأن الله قادر على كل الممكنات فيقدر أن يخلق مثل هذه الحركة السريعة في بدن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو فيما يحمله ، والتعجب من لوازم المعجزات . { إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى } بيت المقدس لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد . { ٱلَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ } ببركات الدين والدنيا لأنه مهبط الوحي ومتعبد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لدن موسى عليه الصلاة والسلام ، ومحفوف بالأنهار والأشجار . { لِنُرِيَهُ مِنْ ءايَـٰتِنَا } كذهابه في برهة من الليل مسيرة شهر ومشاهدته بيت المقدس وتمثل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام له ، ووقوفه على مقاماتهم ، وصرف الكلام من الغيبة إلى التكلم لتعظيم تلك البركات والآيات . وقرىء « ليريه » بالياء . { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } لأقوال محمد صلى الله عليه وسلم . { ٱلبَصِيرُ } بأفعاله فيكرمه ويقربه على حسب ذلك .