Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 25-34)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ } وأميليه إليك ، والباء مزيدة للتأكيد أو افعلي الهز والأمالة به ، أو { هزي } الثمرة بهزه والهز تحريك بجذب ودفع . { تُسَـٰقِطْ عَلَيْكِ } تتساقط فأدغمت التاء الثانية في السين وحذفها حمزة ، وقرأ يعقوب بالياء وحفص « تسَـٰقط » من ساقطت بمعنى أسقطت ، وقرىء « تتساقط » و « تسقط » و « يسقط » فالتاء للنخلة والياء للجذع . { رُطَباً جَنِيّاً } تمييز أو مفعول . روي أنها كانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا ثمر وكان الوقت شتاء ، فهزتها فجعل الله تعالى لها رأساً وخوصاً ورطباً . وتسليتها بذلك لما فيه من المعجزات الدالة على براءة ساحتها فإن مثلها لا يتصور لمن يرتكب الفواحش ، والمنبهة لمن رآها على أن من قدر أن يثمر النخلة اليابسة في الشتاء قدر أن يحبلها من غير فحل ، وأنه ليس ببدع من شأنها مع ما فيه من الشراب والطعام ولذلك رتب عليه الأمرين فقال : { فَكُلِى وَٱشْرَبِى } أي من الرطب وماء السرى أو من الرطب وعصيره . { وَقَرِّي عَيْناً } وطيبي نفسك وارفضي عنها ما أحزنك ، وقرىء { وقَرى } بالكسر وهو لغة نجد ، واشتقاقه من القرار فإن العين إذا رأت ما يسر النفس سكنت إليه من النظر إلى غيره ، أو من الفرقان دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة ولذلك يقال قرة العين للمحبوب وسخنتها للمكروه . { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً } فإن تري آدمياً ، وقرىء « ترئن » على لغة من يقول لبأت بالحج لتآخ بين الهمزة وحرف اللين . { فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً } صمتاً وقد قرىء به ، أو صياماً وكانوا لا يتكلمون في صيامهم . { فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً } بعد أن أخبرتكم بنذري وإنما أكلم الملائكة وأناجي ربي . وقيل أخبرتهم بنذرها بالإِشارة وأمرها بذلك لكراهة المجادلة والاكتفاء بكلام عيسى عليه الصلاة والسلام فإنه قاطع في قطع الطاعن . { فَأَتَتْ بِهِ } أي مع ولدها . { قَوْمَهَا } راجعة إليهم بعد ما طهرت من النفاس . { تَحْمِلُهُ } حاملة إياه . { قَالُواْ يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } أي بديعاً منكراً من فري الجلد . { يَآ أُخْتَ هَـٰرُونَ } يعنون هرون النبي عليه الصلاة والسلام وكانت من أعقاب من كان معه في طبقة الأخوة ، وقيل كانت من نسله وكان بينهما ألف سنة . وقيل هو رجل طالح أو صالح كان في زمانهم شبهوها به تهكماً أو لما رأوا قبل من صلاحها أو شتموها به . { مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } تقرير لأن ما جاءت به فري ، وتنبيه على أن الفواحش من أولاد الصالحين أفحش . { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ } إلى عيسى عليه الصلاة والسلام أي كلموه ليجيبكم . { قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً } ولم نعهد صبياً في المهد كلمه عاقل ، و { كَانَ } زائدة والظرف صلة من . و { صَبِيّاً } حال من المستكن فيه أو تامة أو دائمة كقوله تعالى : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } [ النساء : 17 ] أو بمعنى صار . { قَالَ إِنّى عَبْدُ ٱللَّهِ } أنطقه الله تعالى به أولاً لأنه أول المقامات والرد على من يزعم ربوبيته . { ءَاتَانِىَ ٱلْكِتَـٰبَ } الإِنجيل . { وَجَعَلَنِى نَبِيّاً } . { وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً } نفاعاً معلماً للخير ، والتعبير بلفظ الماضي إما باعتبار ما سبق في قضائه ، أو بجعل المحقق وقوعه كالواقع وقيل أكمل الله عقله واستنبأه طفلاً . { أَيْنَمَا كُنتُ } حيث كنت . { وَأَوْصَانِى } وأمرني . { بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ } زكاة المال إن ملكته أو تطهير النفس عن الرذائل . { مَا دُمْتُ حَيّاً } . { وَبَرّاً بِوَالِدَتِى } وباراً بها عطف على { مُبَارَكاً } ، وقرىء بالكسر على أنه مصدر وصف به أو منصوب بفعل دل عليه أوصاني ، أي وكلفني براً ويؤيده القراءة بالكسر والجر عطفاً على « الصلاة » . { وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً } عند الله من فرط تكبره . { وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً } كما هو على يحيـى والتعريف للعهد والأظهر أنه للجنس والتعريض باللعن على أعدائه ، فإنه لما جعل جنس السلام على نفسه عرض بأن ضده عليهم كقوله تعالى : { وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ } [ طه : 47 ] فإنه تعريض بأن العذاب على من كذب وتولى . { ذٰلِكَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ } أي الذي تقدم نعته هو عيسى ابن مريم لا ما يصفه النصارى ، وهو تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ والطريق البرهاني حيث جعله موصوفاً بأضداد ما يصفونه ثم عكس الحكم . { قَوْلَ ٱلْحَقِّ } خبر محذوف أي هو قول الحق الذي لا ريب فيه ، والإِضافة للبيان والضمير للكلام السابق أو لتمام القصة . وقيل صفة { عِيسَى } أو بدل أو خبر ثان ومعناه كلمة الله . وقرأ عاصم وابن عامر ويعقوب { قَوْلَ } بالنصب على أنه مصدر مؤكد . وقرىء « قال الحق » وهو بمعنى القول . { ٱلَّذِى فِيهِ يَمْتُرُونَ } في أمره يشكون أو يتنازعون ، فقالت اليهود ساحر وقالت النصارى ابن الله وقرىء بالتاء على الخطاب .