Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 4-4)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } هم مؤمنو أهل الكتاب كعبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه وأضرابه ، معطوفون على { ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ } [ البقرة : 3 ] داخلون معهم في جملة المتقين دخول أخصين تحت أعم ، إذ المراد بأولئك الذين آمنوا عن شرك وإنكار ، وبهؤلاء مقابلوهم فكانت الآيتان تفصيلاً { لّلْمُتَّقِينَ } وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما . أو على المتقين وكأنه قال { هُدًى لّلْمُتَّقِينَ } عن الشرك ، والذين آمنوا من أهل الملل . ويحتمل أن يراد بهم الأولون بأعيانهم ، وَوُسِّط العاطف كما وسط في قوله : @ إلى الملك القَرْمِ وابنِ الهمام وليْثِ الكتيبةِ في المزْدَحمْ @@ وقوله : @ يا لهفَ ذؤابةَ للحارثِ الصَـ ائحِ فالغَانمِ فالآيِبِ @@ على معنى أنهم الجامعون بين الإيمان بما يدركه العقل جملة والإتيان بما يصدقه من العبادات البدنية والمالية وبين الإيمان بما لا طريق إليه عبر السمع . وكرر الموصول تنبيهاً على تغاير القبيلين وتباين السبيلين . أو طائفة منهم وهم مؤمنو أهل الكتاب ، ذكرهم مخصصين عن الجملة كذكر جبريل وميكائيل بعد الملائكة تعظيماً لشأنهم وترغيباً لأمثالهم . والإنزال نقل الشيء من الأعلى إلى الأسفل وهو إنما يلحق المعاني بتوسط لحوقه الذوات الحاملة لها ، ولعل نزول الكتب الإلهية على الرسل بأن يلتقفه الملك من الله تعالى تلقفاً روحانياً ، أو يحفظه من اللوح المحفوظ فينزل به فيبلغه إلى الرسول . والمراد { بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ } القرآن بأسره والشريعة عن آخرها ، وإنما عبر عنه بلفظ الماضي وإن كان بعضه مترقباً تغليباً للموجود على ما لم يوجد . أو تنزيلاً للمنتظر منزلة الواقع ، ونظيره قوله تعالى : { إِنَّا سَمِعْنَا كِتَـٰباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ } [ الأحقاف : 30 ] فإن الجنَّ لم يسمعوا جميعه ولم يكن الكتاب كله مُنَزَّلاً حينئذ . وبما { أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } التوراة والإنجيل وسائر الكتب السابقة ، والإيمان بها جملةً فرض عين ، وبالأول دون الثاني تفصيلاً من حيث إنا متعبدون بتفاصيله فرض ، ولكن على الكفاية . لأن وجوبه على كل أحد يوجب الحرج وفساد المعاش . { وَبِٱلأْخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } أي يوقنون إيقاناً زال معه ما كانوا عليه من أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هوداً أو نصارى ، وأن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودة ، واختلافهم في نعيم الجنة : أهو من جنس نعيم الدنيا أو غيره ؟ وفي دوامه وانقطاعه ، وفي تقديم الصلة وبناء يوقنون على هم تعريض لمن عداهم من أهل الكتاب ، وبأن اعتقادهم في أمر الآخرة غير مطابق ولا صادر عن إيقان . واليقين : إتقان العلم بنفي الشك والشبهة عنه نظراً واستدلالاً ، ولذلك لا يوصف به علم البارىء ، ولا العلوم الضرورية . والآخرة تأنيث الآخر ، صفة الدار بدليل قوله تعالى : { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ } [ القصص : 83 ] فغلبت كالدنيا ، وعن نافع أنه خففها بحذف الهمزة إلقاء حركتها على اللام ، وقرىء يوقنون بقلب الواو همزة لضم ما قبلها إجراء لها مجرى المضمومة في وجوه ووقتت ونظيره :