Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 109-115)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ } الاستثناء من الشفاعة أي إلا شفاعة من أذن له أو من أعم المفاعيل ، أي إلا من أذن في أن يشفع له فإن الشفاعة تنفعه ، فَـ { مَنْ } على الأول مرفوع على البدلية وعلى الثاني منصوب على المفعولية و { أَذِنَ } يحتمل أن يكون من الاذن ومن الأذن . { وَرَضِىَ لَهُ قَوْلاً } أي ورضي لمكانه عند الله قوله في الشفاعة أو رضي لأجله قول الشافع في شأنه ، أو قوله لأجله وفي شأنه . { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } ما تقدمهم من الأحوال . { وَمَا خَلْفَهُمْ } وما بعدهم مما يستقبلونه . { وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } ولا يحيط علمهم بمعلوماته ، وقيل بذاته وقيل الضمير لأحد الموصولين أو لمجموعها ، فإنهم لم يعلموا جميع ذلك ولا تفصيل ما علموا منه . { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَىِّ ٱلْقَيُّومِ } ذلت وخضعت له خضوع العناة وهم الأساري في يد الملك القهار ، وظاهرها يقتضي العموم ويجوز أن يراد بها وجوه المجرمين فتكون اللام بدل الإِضافة ويؤيده . { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } وهو يحتمل الحال والاستئناف ما لأجله عنت وجوههم . { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } بعض الطاعات . { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } إذ الإِيمان شرط في صحة الطاعات وقبول الخيرات . { فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً } منع ثواب مستحق بالوعد { وَلاَ هَضْماً } ولا كسراً منه بنقصان أو جزاء ظلم وهضم لأنه لم يظلم غيره ولم يهضم حقه ، وقرىء « فلا يخف » على النهي . { وَكَذٰلِكَ } عطف على كذلك نقص أي مثل ذلك الإِنزال أو مثل إنزال هذه الآيات المتضمنة للوعيد . { أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيّاً } كله على هذه الوتيرة . { وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ } مكررين آيات الوعيد . { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } المعاصي فتصير التقوى لهم ملكة . { أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } عظة واعتباراً حين يسمعونها فتثبطهم عنها ، ولهذه النكتة أسند التقوى إليه والإِحداث إلى القرآن . { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ } في ذاته وصفاته عن مماثلة المخلوقين لا يماثل كلامه كلامهم كما لا تماثل ذاته ذاتهم . { ٱلْمَلِكُ } النافذ أمره ونهيه الحقيق بأن يرجى وعده ويخشى وعيده . { ٱلْحَقُّ } في ملكوته يستحقه لذاته ، أو الثابت في ذاته وصفاته { وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءَانِ مِن قَبْلِ إَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } نهي عن الاستعجال في تلقي الوحي من جبريل عليه السلام ومساوقته في القراءة حتى يتم وحيه بعد ذكر الإِنزال على سبيل الاستطراد . وقيل نهي عن تبليغ ما كان مجملاً قبل أن يأتي بيانه . { وَقُل رَّبِّ زِدْنِى عِلْماً } أي سل الله زيادة العلم بدل الاستعجال فإن ما أوحى إليك تناله لا محالة . { وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ ءَادَمَ } ولقد أمرناه يقال تقدم الملك إليه وأوعز إليه وعزم عليه وعهد إليه إذا أمره ، واللام جواب قسم محذوف وإنما عطف قصة آدم على قوله { وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ } [ الأحقاف : 27 ] للدلالة على أن أساس بني آدم على العصيان وعرقهم راسخ في النسيان . { مِن قَبْلُ } من قبل هذا الزمان . { فَنَسِىَ } العهد ولم يعن به حتى غفل عنه ، أو ترك ما وصي به من الاحتراز عن الشجرة . { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } تصميم رأي وثباتاً على الأمر إذ لو كان ذا عزيمة وتصلب لم يزله الشيطان ولم يستطع تغريره ، ولعل ذلك كان في بدء أمره قبل أن يجرب الأمور ويذوق شريها وأريها . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " لو وزنت أحلام بني آدم بحلم آدم لرجح حلمه وقد قال الله تعالى { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } " وقيل عزماً على الذنب لأنه أخطأ ولم يتعمده ونجد إن كان من الوجود الذي بمعنى العلم فله عزماً مفعولاه ، وإن كان من الوجود المناقض للعدم فله حال من عزماً أو متعلق بنجد .