Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 16-23)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ } وإنما خلقناها مشحونة بضروب البدائع تبصرة للنظار وتذكرة لذوي الاعتبار وتسبباً لما ينتظم به أمور العباد في المعاش والمعاد ، فينبغي أن يتسلقوا بها إلى تحصيل الكمال ولا يغتروا بزخارفها فإنها سريعة الزوال . { لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً } ما يتلهى به ويلعب . { لاَّتَّخَذْنَـٰهُ مِن لَّدُنَّا } من جهة قدرتنا ، أو من عندنا مما يليق بحضرتنا من المجردات لا من الأجسام المرفوعة والأجرام المبسوطة كعادتكم في رفع السقوف وتزويقها وتسوية الفرش وتزيينها ، وقيل اللهو الولد بلغة اليمن وقيل الزوجة والمراد به الرد على النصارى { إِن كُنَّا فَـٰعِلِينَ } ذلك ويدل على جواب الجواب المتقدم . وقيل { إِن } نافية والجملة كالنتيجة للشرطية . { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَـٰطِلِ } إِضراب عن اتخاذ اللهو وتنزيه لذاته عن اللعب أي بل من شأننا أن نغلب الحق الذي من جملته الجد على الباطل الذي من عداده اللهو . { فَيدمغه } فيمحقه ، وإنما استعار لذلك القذف وهو الرمي البعيد المستلزم لصلابة المرمى ، والدمغ الذي هو كسر الدماغ بحيث يشق غشاؤه المؤدي إلى زهوق الروح تصويره لابطاله ومبالغة فيه ، وقرىء { فَيَدْمَغُهُ } بالنصب كقوله : @ سَأَتْرُكْ مَنْزِلي لَبَنِي تَمِيم وَأَلْحَق بِالحِجَازِ فَأَسْتَرِيحَا @@ ووجه مع بعده الحمل على المعنى والعطف على « الحق » . { فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } هالك والزهوق ذهاب الروح وذكره لترشيح المجاز . { وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } مما تصفونه به مما لا يجوز عليه ، وهو في موضع الحال وما مصدرية أو موصولة أو موصوفة . { وَلَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضِ } خلقاً وملكاً . { وَمَنْ عِندَهُ } يعني الملائكة المنزلين منه لكرامتهم عليه منزلة المقربين عند الملوك ، وهو معطوف على { مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } وأفرده للتعظيم أو لأنه أعم منه من وجه ، أو المراد به نوع من الملائكة متعال عن التبوؤ في السماء والأرض أو مبتدأ خبره : { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } لا يتعظمون عنها . { وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ } ولا يعيون منها ، وإنما جيء بالاستحسار الذي هو أبلغ من الحسور تنبيهاً على أن عبادتهم بثقلها ودوامها حقيقة بأن يستحسر منها ولا يستحسرون . { يُسَبِّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } ينزهونه ويعظمونه دائماً . { لاَ يَفْتُرُونَ } حال من الواو في { يسبحون } وهو استئناف أو حال من ضمير قبله . { أَمِ ٱتَّخَذُواْ ءَالِهَةً } بل اتخذوا والهمزة لإِنكار اتخاذهم . { مِّنَ ٱلأَرْضِ } صفة لآلهة أو متعلقة بالفعل على معنى الابتداء ، وفائدتها التحقير دون التخصيص . { هُمْ يُنشِرُونَ } الموتى وهم وإن لم يصرحوا به لكن لزم ادعاؤهم لها الإِلهية ، فإن من لوازمها الاقتدار على جميع الممكنات والمراد به تجهيلهم والتهكم بهم ، وللمبالغة في ذلك زيد الضمير الموهم لاختصاص الانشار بهم . { وَلَوْ كَانَ فِيهِمَا ءَالِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ } غير الله ، وصف بـ { إِلاَّ } لتعذر الاستثناء لعدم شمول ما قبلها لما بعدها ودلالته على ملازمة الفساد لكون الآلهة فيهما دونه ، والمراد ملازمته لكونها مطلقاً أو معه حملاً لها على غير كما استثنى بغير حملاً عليها ، ولا يجوز الرفع على البدل لأنه متفرع على الاستثناء ومشروط بأن يكون في كلام غير موجب . { لَفَسَدَتَا } لبطلتا لما يكون بينهما من الاختلاف والتمانع ، فإنها إن توافقت في المراد تطاردت عليه القدر وإن تخالفت فيه تعاوقت عنه . { فَسُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ } المحيط بجميع الأجسام الذي هو محل التدابير ومنشأ التقادير . { عَمَّا يَصِفُونَ } من اتخاذ الشريك والصاحبة والولد . { لاَّ يُسْـئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ } لعظمته وقوة سلطانه وتفرده بالألوهية والسلطنة الذاتية . { وَهُمْ يُسْـئَلُونَ } لأنهم مملوكون مستعبدون والضمير للـ { ءَالِهَةً } أو للعباد .