Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 64-77)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَرَجَعُواْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ } وراجعوا عقولهم . { فَقَالُواْ } فقال بعضهم لبعض . { إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } بهذا السؤال أو بعبادة من لا ينطق ولا يضر ولا ينفع لا من ظلمتموه بقولكم { إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } . { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُؤُوسِهِمْ } انقلبوا إلى المجادلة بعدما استقاموا بالمراجعة ، شبه عودهم إلى الباطل بصيرورة أسفل الشيء مستعلياً على أعلاه . وقرىء { نُكِّسُواْ } بالتشديد و { نكسوا } أي نكسوا أنفسهم . { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلآءِ يِنْطِقُونَ } فكيف تأمرنا بسؤالها وهو على إرادة القول . { قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ } إنكار لعبادتهم لها بعد اعترافهم بأنها جمادات لا تنفع ولا تضر فإنه ينافي الألوهية . { أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } تضجر منه على إصرارهم بالباطل البين ، و { أُفّ } صوت المتضجر ومعناه قبحاً ونتناً واللام لبيان المتأفف له . { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } قبح صنيعكم . { قَالُواْ } أخذا في المضارة لما عجزوا عن المحاجة . { حَرِّقُوهُ } فإن النار أهول ما يعاقب به . { وَٱنصُرُواْ ءَالِهَتَكُمْ } بالانتقام لها . { إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ } إن كنتم ناصرين لها نصراً مؤزراً ، والقائل فيهم رجل من أكراد فارس اسمه هيون خسف به الأرض وقيل نمروذ . { قُلْنَا يَا نَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَـٰمَا عَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ } ذات برد وسلام أي ابردي بردا غير ضار ، وفيه مبالغات جعل النار المسخرة لقدرته مأمورة مطيعة وإقامة { كُونِى } ذات برد مقام أبردي ، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . وقيل نصب { سَلاَماً } بفعله أي وسلمنا سلاماً عليه . روي أنهم بنوا حظيرة بكوثى وجمعوا فيها ناراً عظيمة ثم وضعوه في المنجنيق مغلولاً فرموا به فيها فقال له جبريل : هل لك حاجة ، فقال : أما إليك فلا فقال : فسل ربك فقال : حسبي من سؤالي علمه بحالي ، فجعل الله تعالى ببركة قوله الحظيرة روضة ولم يحترق منه إلا وثاقه ، فاطلع عليه نمرود من الصرح فقال إني مقرب إلى إلهك فذبح أربعة آلاف بقرة وكف عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام . وكان إذ ذاك ابن ست عشرة سنة وانقلاب النار هواء طيباً ليس ببدع غير أنه هكذا على خلاف المعتاد فهو إذن من معجزاته . وقيل كانت النار بحالها لكنه سبحانه وتعالى دفع عنه أذاها كما ترى في السمندل ويشعر به قوله على إبراهيم . { وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً } مكراً في إضراره . { فَجَعَلْنَـٰهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } أخسر من كل خاسر لما عاد سعيهم برهاناً قاطعاً على أنهم على الباطل وإبراهيم على الحق وموجباً لمزيد درجته واستحقاقهم أشد العذاب . { وَنَجَّيْنَـٰهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ } أي من العراق إلى الشام وبركاته العامة أن أكثر الأنبياء بعثوا فيه فانتشرت في العالمين شرائعهم التي هي مبادي الكمالات والخيرات الدينية والدنيوية . وقيل كثرة النعم والخصب الغالب . روي أنه عليه الصلاة والسلام نزل بفلسطين ولوط عليه الصلاة والسلام بالمؤتفكة وبينهما مسيرة يوم وليلة . { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً } عطية فهي حال منهما أو ولد ولد ، أو زيادة على ما سأل وهو إسحاق فتختص بيعقوب ولا بأس به للقرينة . { وَكُلاًّ } يعني الأربعة . { جَعَلْنَا صَـٰلِحِينَ } بأن وفقناهم للصلاح وحملناهم عليه فصاروا كاملين . { وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً } يقتدى بهم . { يَهْدُونَ } الناس إلى الحق . { بِأَمْرِنَا } لهم بذلك وأرسلنا إياهم حتى صاروا مكملين . { وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرٰتِ } ليحثوهم عليها فيتم كمالها بانضمام العمل إلى العلم ، وأصله أن تفعل الخيرات ثم فعلا الخيرات وكذلك قوله : { وَإِقَامَ ٱلصَّلوٰة وَإِيتَاء ٱلزَّكَـوٰةِ } وهو من عطف الخاص على العام للتفضيل ، وحذفت تاء الإِقامة المعوضة من إحدى الألفين لقيام المضاف إليه مقامها . { وَكَانُواْ لَنَا عَـٰبِدِينَ } موحدين في العبادة ولذلك قدم الصلة . { وَلُوطاً اتَيْنَـٰهُ حُكْماً } حكمة أو نبوة أو فصلاً بين الخصوم . { وَعِلْماً } بما ينبغي علمه للأنبياء . { وَنَجَّيْنَـٰهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ } قرية سدوم . { ٱلَّتِى كَانَت تَعْمَلُ ٱلْخَبَـٰئِثَ } يعني اللواطة وصفها بصفة أهلها أو أسندها إليها على حذف المضاف وإقامتها مقامه ويدل عليه : { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَـٰسِقِينَ } فإنه كالتعليل له . { وَأَدْخَلْنَـٰهُ فِى رَحْمَتِنَا } في أهل رحمتنا أو جنتنا . { إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } الذين سبقت لهم منا الحسنى . { وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ } إذ دعا الله سبحانه على قومه بالهلاك . { مِن قَبْلُ } من قبل المذكورين . { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } دعاءه . { فَنَجَّيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } من الطوفان أو أذى قومه والكرب الغم الشديد . { وَنَصَرْنَـٰهُ } مطاوع انتصر أي جعلناه منتصراً . { مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ أَجْمَعِينَ } لاجتماع الأمرين تكذيب الحق والانهماك في الشر ، ولعلهما لم يجتمعا في قوم إلا وأهلكهم الله تعالى .