Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 97-104)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ } وهو القيامة . { فَإِذَا هِىَ شَـٰخِصَةٌ أَبْصَـٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } جواب الشرط و « إذا » للمفاجأة تسد مسد الفاء الجزائية كقوله تعالى : { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } [ الروم : 36 ] فإذا جاءت الفاء معها تظاهرتا على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد ، والضمير للقصة أو مبهم يفسره الأبصار . { يَا وَيْلَنَا } مقدر بالقول واقع موقع الحال من الموصول . { قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍ مّنْ هَـٰذَا } لم نعلم أنه حق . { بَلْ كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } لأنفسنا بالإِخلال بالنظر وعدم الاعتداد بالنذر . { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يحتمل الأوثان وإبليس وأعوانه لأنهم بطاعتهم لهم في حكم عبدتهم ، لما روي أنه عليه الصلاة والسلام لما تلا الآية على المشركين قال له ابن الزبعري : قد خصمتك ورب الكعبة أليس اليهود عبدوا عزيراً والنصارى عبدوا المسيح وبنو مليح عبدوا الملائكة ، فقال صلى الله عليه وسلم : " بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك " فأنزل الله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } [ الأنبياء : 101 ] الآية . وعلى هذا يعم الخطاب ويكون { مَا } مؤولاً بـ { مِنْ } أو بما يعمه ، ويدل عليه ما روي أن ابن الزبعري قال : هذا شيء لآلهتنا خاصة أو لكل من عبد من دون الله فقال صلى الله عليه وسلم " بل لكل من عبد من دون الله " ويكون قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ } بياناً للتجوز أو للتخصيص فأخر عن الخطاب . { حَصَبُ جَهَنَّمَ } ما يرمي به إليها وتهيج به من حصبه يحصبه إذا رماه بالحصباء وقرىء بسكون الصاد وصفاً بالمصدر . { أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } استئناف أو بدل من { حَصَبُ جهنم } واللام معوضة من على للاختصاص والدلالة على أن ورودهم لأجلها . { لَوْ كَانَ هَـؤُلاءِ ءََالِهَةً مَّا وَرَدُوهَا } لأن المؤاخذ بالعذاب لا يكون إلهاً . { وَكُلٌّ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } لا خلاص لهم عنها . { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } أنين وتنفس شديد وهو من إضافة فعل البعض إلى الكل للتغلب إن أريد { مَا تَعْبُدُونَ } الأصنام . { وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } من الهول وشدة العذاب . وقيل { لاَ يَسْمَعُونَ } ما يسرهم . { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } أي الخصلة الحسنى وهي السعادة أو التوفيق بالطاعة أو البشرى بالجنة . { أُوْلَـئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } لأنهم يرفعون إلى أعلى عليين . روي أن علياً كرم الله وجهه خطب وقرأ هذه الآية ثم قال : أنا منهم وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وابن الجراح ، ثم أقيمت الصلاة فقام يجر رداءه ويقول : { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا } وهو بدل من { مُبْعَدُونَ } أو حال من ضميره سيق للمبالغة في إبعادهم عنها ، والحسيس صوت يحس به . { وَهُمْ فِيمَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَـٰلِدُونَ } دائمون في غاية التنعم وتقديم الظرف للاختصاص والاهتمام به . { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } النفخة الأخيرة لقوله تعالى : { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ } [ النمل : 87 ] أو الانصراف إلى النار أو حين يطبق على النار أو يذبح الموت . { وَتَتَلَقَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ } تستقبلهم مهنئين لهم . { هَـٰذَا يَوْمُكُم } يوم ثوابكم وهو مقدر بالقول . { ٱلَّذِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } في الدنيا . { يَوْمَ نَطْوِى ٱلسَّمَاءَ } مقدر باذكر أو ظرف لـ { لاَ يَحْزُنُهُمُ } ، أو { تتلقاهم } أو حال مقدرة من العائد المحذوف من { تُوعَدُونَ } ، والمراد بالطي ضد النشر أو المحو من قولك اطو عني هذا الحديث ، وذلك لأنها نشرت مظلة لبني آدم فإذا انتقلوا قوضت عنهم ، وقرىء بالياء والبناء للمفعول . { كَطَىِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكِتَابِ } طياً كطي الطومار لأجل الكتابة أو لما يكتب أو كتب فيه ، ويدل عليه قراءة حمزة والكسائي وحفص على الجمع أي للمعاني الكثيرة المكتوبة فيه . وقيل { ٱلسّجِلّ } ملك يطوي كتب الأعمال إذا رفعت إليه أو كاتب كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وقرىء { ٱلسّجِلّ } كالدلو و { ٱلسّجِلّ } كالعتل وهما لغتان فيه . { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } أي نعيد ما خلقناه مبتدأ إعادة مثل بدئنا إياه في كونهما إيجاداً عن العدم ، أو جمعاً بين الأجزاء المتبددة والمقصود بيان صحة الإِعادة بالقياس على الإِبداء لشمول الإِمكان الذاتي المصحح للمقدورية . وتناول القدرة القديمة لهما على السواء ، و « ما » كافة أو مصدرية وأول مفعول لـ { بَدَأْنَا } أو لفعل يفسره { نُّعِيدُهُ } أو موصولة والكاف متعلقة بمحذوف يفسره { نُّعِيدُهُ } أي نعيد مثل الذي بدأنا وأول خلق ظرف لـ { بَدَأْنَا } أو حال من ضمير الموصول المحذوف . { وَعْداً } مقدر بفعله تأكيداً لـ { نُّعِيدُهُ } أو منتصب به لأنه عدة بالإِعادة . { عَلَيْنَا } أي علينا إنجازه . { إِنَّا كُنَّا فَـٰعِلِينَ } ذلك لا محالة .