Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 40-50)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِم } يعني مكة . { بِغَيْرِ حَقٍّ } بغير موجب استحقوه به . { إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } على طريقة قول النابغة : @ وَلاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُم بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتَائِبِ @@ وقيل منقطع . { وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ } بتسليط المؤمنين منهم على الكافرين . { لَّهُدّمَتْ } لخربت باستيلاء المشركين على أهل الملل ، وقرأ نافع { دفاع } وقرأ نافع وابن كثير { لَّهُدّمَتْ } بالتخفيف . { صَوٰمِعُ } صوامع الرهبانية . { وَبِيَعٌ } بيع النصارى . { وَصَلَوٰتٌ } كنائس اليهود ، سميت بها لأنها يصلى فيها ، وقيل أصلها صلوتا بالعبرانية فعربت . { وَمَسَـٰجِدُ } مساجد المسلمين . { يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً } صفة للأربع أو لمساجد خصت بها تفضيلاً . { وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ } من ينصر دينه ، وقد أنجز وعده بأن سلط المهاجرين والأنصار على صناديد العرب وأكاسرة العجم وقياصرتهم وأورثهم أرضهم وديارهم . { إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ } على نصرهم . { عَزِيزٌ } لا يمانعه شيء . { ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } وصف للذين أخرجوا وهو ثناء قبل بلاء ، وفيه دليل على صحة أمر الخلفاء الراشدين إذ لم يستجمع ذلك غيرهم من المهاجرين . وقيل بدل ممن ينصره . { وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلأُمُورِ } فإن مرجعها إلى حكمه ، وفيه تأكيد لما وعده . { وَإِن يُكَذّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرٰهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وِأَصْحَـٰبُ مَدْيَنَ } تسلية له صلى الله عليه وسلم بأن قومه إن كذبوه فهو ليس بأحودي في التكذيب ، فإن هؤلاء قد كذبوا رسلهم قبل قومه . { وَكُذِّبَ مُوسَىٰ } غير فيه النظم وبنى الفعل للمفعول لأن قومه بنو إسرائيل ، ولم يكذبوه وإنما كذبه القبط ولأن تكذيبه كان أشنع وآياته كانت أعظم وأشيع . { فَأمْلَيْتُ لِلْكَـٰفِرِينَ } فأمهلتهم حتى انصرمت آجالهم المقدرة . { ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي إنكاري عليهم بتغيير النعمة محنة والحياة هلاكاً والعمارة خراباً . { فَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَا } بإهلاك أهلها ، وقرأ البصريان بغير لفظ التعظيم . { وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ } أي أهلها . { فَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } ساقطة حيطانها على سقوفها بأن تعطل بنيانها فخرت سقوفها ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف ، أو خالية مع بقاء عروشها وسلامتها فيكون الجار متعلقاً بـ { خَاوِيَةٌ } ، ويجوز أن يكون خبراً بعد خبر أي هي خالية وهي على عروشها أي : مطلة عليها بأن سقطت وبقيت الحيطان مائلة مشرفة عليها ، والجملة معطوفة على { أَهْلَكْنَـٰهَا } لا على { وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ } فإنها حال والإِهلاك ليس حال خوائها فلا محل لها إن نصبت كأي بمقدر يفسره { أَهْلَكْنَـٰهَا } وإن رفعته بالإِبتداء فمحلها الرفع . { وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ } عطف على { قَرْيَةٍ } أي وكم بئر عامرة في البوادي تركت لا يستقى منها لهلاك أهلها ، وقرىء بالتخفيف من أعطله بمعنى عطله . { وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } مرفوع أو مجصص أخليناه عن ساكنيه ، وذلك يقوي أن معنى { خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } خالية مع بقاء عروشها ، وقيل المراد بـ { بئر } بئر في سفح جبل بحضرموت وبقصر قصر مشرف على قلته كانا لقوم حنظلة بن صفوان من قوم صالح فلما قتلوه أهلكهم الله تعالى وعطلهما . { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } حث لهم على أن يسافروا ليروا مصارع المهلكين فيعتبروا ، وهم وإن كانوا قد سافروا فلم يسافروا لذلك . { فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا } ما يجب أن يعقل من التوحيد بما حصل لهم من الاستبصار والاستدلال . { أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } ما يجب أن يسمع من الوحي والتذكير بحال من شاهدوا آثارهم . { فَإِنَّهَا } الضمير للقصة أو مبهم يفسره الأبصار . وفي { تَعْمَى } راجع إليه والظاهر أقيم مقامه . { لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ } عن الاعتبار أي ليس الخلل في مشاعرهم وإنما أيفت عقولهم باتباع الهوى والانهماك في التقليد ، وذكر { ٱلصُّدُورِ } للتأكيد ونفي التجوز وفضل التنبيه على أن العمى الحقيقي ليس المتعارف الذي يخص البصر . قيل لما نزل { وَمَن كَانَ فِى هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ } [ الإسراء : 72 ] قال ابن أم مكتوم يا رسول الله أنا في الدنيا أعمى أفأكون في الآخرة أعمى فنزلت { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَـٰرُ } [ الحج : 46 ] { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ } المتوعد به . { وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ وَعْدَهُ } لامتناع الخلف في خبره فيصيبهم ما أوعدهم به ولو بعد حين لكنه صبور لا يعجل بالعقوبة . { وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مّمَّا تَعُدُّونَ } بيان لتناهي صبره وتأنيه حتى استقصر المدد الطوال ، أو لتمادي عذابه وطول أيامه حقيقة ، أو من حيث إن أيام الشدائد مستطالة ، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء . { وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ } وكم من أهل قرية فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه في الإِعراب ، ورجع للضمائر والأحكام مبالغة في التعميم والتهويل وإنما عطف الأولى بالفاء وهذه بالواو ، لأن الأولى بدل من قوله { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } وهذه في حكم ما تقدمها من الجملتين لبيان أن المتوعد به يحيق بهم لا محالة وأن تأخيره لعادته تعالى . { أَمْلَيْتُ لَهَا } كما أمهلتكم . { وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ } مثلكم . { ثُمَّ أَخَذْتُهَا } بالعذاب . { وَإِلَىَّ ٱلْمَصِيرُ } وإلى حكمي مرجع الجميع . { قُلْ يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا أَنَاْ لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أوضح لكم ما أنذركم به ، والاقتصار على الإِنذار مع عموم الخطاب وذكر الفريقين لأن صدر الكلام ومساقه للمشركين ، وإنما ذكر المؤمنين وثوابهم زيادة في غيظهم . { فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ } لما بدر منهم . { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } هي الجنة والـ { كَرِيمٌ } من كل نوع ما يجمع فضائله .