Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 100-110)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَعَلّي أَعْمَلُ صَـٰلِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } في الإِيمان الذي تركته أي لعلي آتي الإِيمان وأعمل فيه ، وقيل في المال أو في الدنيا . وعنه عليه الصلاة والسلام " قال إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا أنرجعك إلى الدنيا ، فيقول إلى دار الهموم والأحزان بل قدوماً إلى الله تعالى ، وأما الكافر فيقول رب ارجعون " { كَلاَّ } ردع من طلب الرجعة واستبعاد لها . { إِنَّهَا كَلِمَةٌ } معنى قوله { رَبِّ ٱرْجِعُونِ } الخ ، والكلمة الطائفة من الكلام المنتظم بعضها مع بعض . { هُوَ قَائِلُهَا } لا محالة لتسلط الحسرة عليه . { وَمِن وَرَائِهِمْ } أمامهم والضمير للجماعة . { بَرْزَخٌ } حائل بينهم وبين الرجعة . { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } يوم القيامة ، وهو إقناط كلي عن الرجوع إلى الدنيا لما علم أنه لا رجعة يوم البعث إلى الدنيا وإنما الرجوع فيه إلى حياة تكون في الآخرة . { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } لقيام الساعة والقراءة بفتح الواو وبه وبكسر الصاد يؤيد أن { ٱلصُّورِ } أيضاً جمع الصورة . { فَلاَ أَنسَـٰبَ بَيْنَهُمْ } تنفعهم لزوال التعاطف والتراحم من فرط الحيرة واستيلاء الدهشة بحيث يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه أو يفتخرون بها . { يَوْمَئِذٍ } كما يفعلون اليوم . { وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ } ولا يسأل بعضهم بعضاً لاشتغاله بنفسه ، وهو لا يناقض قوله { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } [ الصافات : 27 ] لأنه عند النفخة وذلك بعد المحاسبة ، أو دخول أهل الجنة الجنة والنار النار . { فَمَن ثَقُلَتْ مَوٰزِينُهُ } موزونات عقائده وأعماله ، أي فمن كانت له عقائد وأعمال صالحة يكون لها وزن عند الله تعالى وقدر . { فَأُوْلَٰـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } الفائزون بالنجاة والدرجات . { وَمَنْ خَفَّتْ مَوٰزِينُهُ } ومن لم يكن له ما يكون له وزن ، وهم الكفار لقوله تعالى : { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَزْناً } . { فَأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم } غبنوها حيث ضيعوا زمان استكمالها وأبطلوا استعدادها لنيل كمالها . { فِي جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ } بدل من الصلة أو خبر ثان « لأولئك » . { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } تحرقها واللفح كالنفح إلا أنه أشد تأثيراً . { وَهُمْ فِيهَا كَـٰلِحُونَ } من شدة الاحتراق والكلوح تقلص الشفتين عن الأسنان ، وقرىء « كلحون » . { أَلَمْ تَكُنْ ءَايَـٰتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } على إضمار القول أي يقال لهم { أَلَمْ تَكُنْ } . { فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذّبُونَ } تأنيب وتذكير لهم بما استحقوا هذا العذاب لأجله . { قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا } ملكتنا بحيث صارت أحوالنا مؤدية إلى سوء العاقبة ، وقرأ حمزة والكسائي « شقاوتنا » بالفتح كالسعادة وقرىء بالكسر كالكتابة . { وَكُنَّا قَوْماً ضَالّينَ } عن الحق . { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا } من النار . { فَإِنْ عُدْنَا } إلى التكذيب . { فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ } لأنفسنا . { قَالَ اخْسَئُواْ فِيهَا } اسكتوا سكوت هوان في النار فإنها ليست مقام سؤال من خسأت الكلب إذا زجرته فخسأ . { وَلاَ تُكَلِّمُونِ } في رفع العذاب أو لا تكلمون رأساً . قيل إن أهل النار يقولون ألف سنة : { رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } [ السجده : 12 ] فيجابون { حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنْي } [ السجده : 13 ] فيقولون ألفاً { رَبَّنَا أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ } [ غافر : 11 ] فيجابون { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِىَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ } [ غافر : 12 ] فيقولون ألفاً { يٰمَـٰلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [ الزخرف : 77 ] فيجابون { إِنَّكُمْ مَّـٰكِثُونَ } [ الزخرف : 77 ] فيقولون ألفاً { رَبَّنَا أَخّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } [ إبراهيم : 44 ] فيجابون { أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ } [ إبراهيم : 44 ] فيقولون ألفاً { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً } [ فاطر : 37 ] فيجابون { أَوَ لَمْ نُعَمّرْكُمْ } [ فاطر : 37 ] فيقولون ألفاً { رَبّ ٱرْجِعُون } [ المؤمنون : 99 ] فيجابون { اخسَئُواْ فِيهَا } [ المؤمنون : 108 ] ثم لا يكون لهم فيها إلا زفير وشهيق وعواء . { إِنَّهُ } إن الشأن وقرىء بالفتح أي لأنه . { كَانَ فَرِيقٌ مّنْ عِبَادِي } يعني المؤمنين ، وقيل الصحابة وقيل أهل الصفة . { يَقُولُونَ رَبَّنَا ءَامَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرحِمِينَ } . { فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً } هزواً وقرأ نافع وحمزة والكسائي هنا وفي « ص » بالضم ، وهما مصدر سخر زيدت فيهما ياء النسب للمبالغة ، وعند الكوفيين المكسور بمعنى الهزء والمضموم من السخرة بمعنى الانقياد والعبودية . { حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي } من فرط تشاغلكم بالاستهزاء بهم فلم تخافوني في أوليائي . { وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } استهزاء بهم .