Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 27-36)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا } بحفظنا نحفظه أن تخطىء فيه أو يفسده عليك مفسد . { وَوَحْيِنَا } وأمرنا وتعليمنا كيف تصنع . { فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا } بالركوب أو نزول العذاب . { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } . روي أنه قيل لنوح إذا فار الماء من التنور اركب أنت ومن معك ، فلما نبع الماء منه أخبرته امرأته فركب ومحله في مسجد الكوفة عن يمين الداخل مما يلي باب كندة . وقيل عين وردة من الشام وفيه وجوه أخر ذكرتها في « هود » . { فَٱسْلُكْ فِيهَا } فادخل فيها يقال سلك فيه وسلك غيره قال تعالى { مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ } [ المدثر : 42 ] مِن كُلّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ من كل أمتي الذكر والأنثى واحدين مزدوجين ، وقرأ حفص « مِن كُلّ » بالتنوين أي من كل نوع زوجين واثنين تأكيد . { وَأَهْلَكَ } وأهل بيتك أو من آمن معك . { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ } أي القول من الله تعالى بإهلاكه لكفره ، وإنما جيء بعلى لأن السابق ضار كما جيء باللام حيث كان نافعاً في قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } [ الأنبياء : 101 ] { وَلاَ تُخَـٰطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بالدعاء لهم بالإنجاء . { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } لا محالة لظلمهم بالإِشراك والمعاصي ، ومن هذا شأنه لا يشفع له ولا يشفع فيه كيف وقد أمره بالحمد على النجاة منهم بهلاكهم بقوله : { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } كقوله تعالى : { فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [ الأنعام : 45 ] { وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي } في السفينة أو في الأرض . { مُنزَلاً مُّبَارَكاً } يتسبب لمزيد الخير في الدارين على قراءة أبي بكر ، وقرىء « مُنزَلاً » بمعنى إنزالاً أو موضع إنزال . { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } ثناء مطابق لدعائه أمره بأن يشفعه به مبالغة فيه وتوسلاً به إلى الإِجابة ، وإنما أفرده بالأمر والمعلق به أن يستوي هو ومن معه إظهاراً لفضله وإشعاراً بأن في دعائه مندوحة عن دعائهم فإنه يحيط بهم . { إِنَّ فِي ذَلِكَ } فيما فعل بنوح وقومه . { لاَيَاتٍ } يستدل بها ويعتبر أولو الاستبصار والاعتبار . { وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } لمصيبين قوم نوح ببلاء عظيم ، أو ممتحنين عبادنا بهذه الآيات { وَإِنْ } هي المخففة واللام هي الفارقة . { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءَاخَرِينَ } هم عاد أو ثمود . { فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ } هو هود أو صالح ، وإنما جعل القول موضع الإِرسال ليدل على أنه لم يأتهم من مكان غير مكانهم وإنما أوحي إليه وهو بين أظهرهم . { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } تفسير لأرسلنا أي قلنا لهم على لسان الرسول اعبدوا الله . { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } عذاب الله . { وَقَالَ ٱلْمَلَؤُاْ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } لعله ذكر بالواو لأن كلامهم لم يتصل بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم بخلاف قول قوم نوح حيث استؤنف به ، فعلى تقدير سؤال . { وَكَذَّبُواْ بِلِقَاء ٱلأَخِرَةِ } بلقاء ما فيها من الثواب والعقاب ، أو بمعادهم إلى الحياة الثانية بالبعث { وَأَتْرَفْنَـٰهُمْ } ونعمناهم { فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } بكثرة الأموال والأولاد . { مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ } في الصِفة والحالة . { يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } تقرير للمماثلة و « ما » خبرية والعائد إلى الثاني منصوب محذوف أو مجرور حذف مع الجار لدلالة ما قبله عليه . { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مّثْلَكُمْ } فيما يأمركم به . { إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَـٰسِرُونَ } حيث أذللتم أنفسكم ، و { إِذَا } جزاء للشرط وجواب للذين قَاوَلُوهُمْ من قومه . { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتٌّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظـٰماً } مجردة عن اللحوم والأعصاب . { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } من الأجداث أو من العدم تارة أخرى إلى الوجود ، و { أَنَّكُمْ } تكرير للأول أكد به لما طال الفصل بينه وبين خبره ، أو أنكم لمخرجون مبتدأ خبره الظرف المقدم ، أو فاعل للفعل المقدر جواباً للشرط والجملة خبر الأول أي : أنكم إخراجكم إذا متم ، أو إنكم إذا متم وقع إخراجكم ويجوز أن يكون خبر الأول محذوفاً لدلالة خبر الثاني عليه لا أن يكون الظرف لأن اسمه جثة . { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } بعد التصديق أو الصحة . { لِمَا تُوعَدُونَ } أو بعدما توعدون ، واللام للبيان كما في { هَيْتَ لَكَ } [ يوسف : 23 ] كأنهم لما صوتوا بكلمة الاستبعاد قيل : فما له هذا الاستبعاد ؟ قالوا { لِمَا تُوعَدُونَ } . وقيل { هَيْهَاتَ } بمعنى البعد ، وهو مبتدأ خبره { لِمَا تُوعَدُونَ } ، وقرىء بالفتح منوناً للتنكير ، وبالضم منوناً على أنه جمع هيهة وغير منون تشبيهاً بقبل وبالكسر على الوجهين ، وبالسكون على لفظ الوقف وبإبدال التاء هاء .