Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 70-77)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ } فلا يبالون بقوله وكانوا يعلمون أنه صلى الله عليه وسلم أرجحهم عقلاً وأدقهم نظراً . { بَلْ جَاءهُمْ بِٱلْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَـٰرِهُونَ } لأنه يخالف شهواتهم وأهواءهم فلذلك أنكروه ، وإنما قيد الحكم بالأكثر لأنه كان منهم من ترك الإِيمان استنكافاً من توبيخ قومه أو لقلة فطنته وعدم فكرته لا كراهة للحق . { وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ } بأن كان في الواقع آلهة شتى . { لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَـٰوَاتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ } كما سبق تقريره في قوله تعالى : { لَوْ كَانَ فِيهِمَا ءَالِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } [ الأنبياء : 22 ] وقيل لو اتبع الحق أهواءهم وانقلب باطلاً لذهب ما قام به العالم فلم يبق ، أو لو اتبع الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أهواءهم وانقلب شركاً لجاء الله بالقيامة وأهلك العالم من فرط غضبه ، أو لو اتبع الله أهواءهم بأن أنزل ما يشتهونه من الشرك والمعاصي لخرج عن الألوهية ولم يقدر أن يمسك السموات والأرض وهو على أصل المعتزلة . { بَلْ أَتَيْنَـٰهُمْ بِذِكْرِهِمْ } بالكتاب الذي هو ذكرهم أي وعظهم أو صيتهم ، أو الذكر الذي تمنوه بقولهم { لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ ٱلأَوَّلِينَ } وقرىء « بذكراهم » . { فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ } لا يلتفتون إليه . { أَمْ تَسْـئَلُهُمْ } قيل إنه قسيم قوله { أَم بِهِ جِنَّةٌ } . { خَرْجاً } أجراً على أداء الرسالة . { فَخَرَاجُ رَبّكَ } رزقه في الدنيا أو ثوابه في العقبى . { خَيْرٌ } لسعته ودوامه ففيه مندوحة لك عن عطائهم والخرج بإزاء الدخل يقال لكل ما تخرجه إلى غيرك ، والخراج غالب في الضريبة على الأرض ففيه إشعار بالكثرة واللزوم فيكون أبلغ ولذلك عبر به عن عطاء الله إياه ، وقرأ ابن عامر « خرجا فخرج » وحمزة والكسائي « خراجاً فخراج » للمزاوجة . { وَهُوَ خَيْرُ ٱلرزِقِينَ } تقرير لخيرية خراجه تعالى . { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } تشهد العقول السليمة على استقامته لا عوج فيه يوجب اتهامهم له ، واعلم أنه سبحانه ألزمهم الحجة وأزاح العلة في هذه الآيات بأن حصر أقسام ما يؤدي إلى الإِنكار والاتهام وبين انتفاءها ما عدا كراهة الحق وقلة الفطنة . { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ عَنِ ٱلصّرٰطِ } عن الصراط السوي . { لَنَـٰكِبُونَ } لعادلون عنه فإن خوف الآخرة أقوى البواعث على طلب الحق وسلوك طريقه . { وَلَوْ رَحِمْنَـٰهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مّن ضُرٍّ } يعني القحط . { لَّلَجُّواْ } لثبتوا واللجاج التمادي في الشيء . { فِي طُغْيَـٰنِهِمْ } إفراطهم في الكفر والاستكبار عن الحق وعداوة الرسول والمؤمنين . { يَعْمَهُونَ } عن الهدى ، روي أنهم قحطوا حتى أكلوا العلهز فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أنشدك الله والرحم ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين قال : بلى فقال : قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع فنزلت . { وَلَقَدْ أَخَذْنَـٰهُمْ بِٱلْعَذَابِ } يعني القتل يوم بدر . { فَمَا ٱسْتَكَانُواْ لِرَبّهِمْ } بل أقاموا على عتوهم واستكبارهم ، واستكان استفعل من الكون لأن المفتقر انتقل من كون إلى كون أو افتعل من السكون أشبعت فتحته . { وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } وليس من عادتهم التضرع وهو استشهاد على ما قبله . { حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ } يعني الجوع فإنه أشد من القتل والأسر . { إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } متحيرون آيسون من كل خير حتى جاءك أعتاهم يستعطفك .