Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 11-20)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إَلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوء فَإِنّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } استثناء منقطع استدرك به ما يختلج في الصدر من نفي الخوف عن كلهم ، وفيهم من فرطت منه صغيرة فإنهم وإن فعلوها أتبعوا فعلها ما يبطلها ويستحقون به من الله مغفرة ورحمة فإنه لا يخاف أيضاً ، وقصد تعريض موسى بوكزه القبطي . وقيل متصل وثم بدل مستأنف معطوف على محذوف أي عن ظلم ثم بدل ذنبه بالتوبة . { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ } لأنه كان بمدرعة صوف لا كم لها . وقيل الجيب القميص لأنه يجاب أي يقطع . { تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوء } آفة كبرص . { فِي تِسْعِ ءَايَاتٍ } في جملتها أو معها على أن التسع هي ، الفلق ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والطمسة ، والجدب في بواديهم ، والنقصان في مزراعهم ولمن عد العصا واليد من التسع أن يعد الأخيرين واحداً ولا يعد الفلق لأنه لم يبعث به إلى فرعون . أو اذهب في تسع آيات على أنه استئناف بالإِرسال فيتعلق به . { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ } وعلى الأولين يتعلق بنحو مبعوثاً أو مرسلاً . { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } تعليل للإِرسال . { فَلَمَّا جَاءتْهُمْ ءَايَـٰتُنَا } بأن جاءهم موسى بها . { مُبْصِرَةً } بينة اسم فاعل أطلق للمفعول ، وإشعاراً بأنها لفرط اجتلائها للأبصار بحيث تكاد تبصر نفسها لو كانت مما يبصر ، أو ذات تبصر من حيث إنها تهدي والعمي لا تهتدي فضلاً عن أن تهدي ، أو مبصرة كل من نظر إليها وتأمل فيها . وقرىء » مُبْصِرَةً « أي مكاناً يكثركم فيه التبصر . { قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } واضح سحريته . { وَجَحَدُواْ بِهَا } وكذبوا بها . { وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ } وقد استيقنتها لأن الواو للحال . { ظُلْماً } لأنفسهم . { وَعُلُوّاً } ترفعاً عن الإِيمان وانتصابهما . على العلة من { جَحَدُواْ } . { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } وهو الإِغراق في الدنيا والإِحراق في الآخرة . { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَـٰنَ عِلْماً } طائفة من العلم وهو علم الحكم والشرائع ، أو علماً أي علم . { وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } عطفه بالواو إشعاراً بأن ما قالاه بعض ما أتيا به في مقابلة هذه النعمة كأنه قال : ففعلا شكراً له ما فعلا { وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } . { ٱلَّذِى فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ } يعني من لم يؤت علماً أو مثل علمهما ، وفيه دليل على فضل العلم وشرف أهله حيث شكرا على العلم وجعلاه أساس الفضل ولم يعتبرا دونه ما أوتيا من الملك الذي لم يؤت غيرهما ، وتحريض للعالم على أن يحمد الله تعالى على ما آتاه من فضله وأن يتواضع ويعتقد أنه وإن فضل على كثير فقد فضل عليه كثير . { وَوَرِثَ سُلَيْمَـٰنُ دَاوُودَ } النبوة أو العلم أو الملك بأن قام مقامه في ذلك دون سائر بنيه وكانوا تسعة عشر . { وَقَالَ يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلّ شَيْءٍ } تشهيراً لنعمة الله وتنويهاً بها ودعاء الناس إلى التصديق بذكر المعجزة التي هي علم منطق الطير وغير ذلك من عظائم ما أوتيه ، والنطق والمنطق في المتعارف كل لفظ يعبر به عما في الضمير مفرداً كان أو مركباً وقد يطلق لكل ما يصوت به على التشبيه ، أو التبع كقولهم نطقت الحمامة ومنه الناطق والصامت للحيوان والجماد ، فإن الأصوات الحيوانية من حيث إنها تابعة للتخيلات منزلة منزلة العبارات سيما وفيها ما يتفاوت باختلاف الأغراض بحيث يفهمها ما من جنسه ، ولعل سليمان عليه الصلاة والسلام مهما سمع صوت حيوان علم بقوته القدسية التخيل الذي صوته والغرض الذي توخاه به . ومن ذلك ما حكي أنه مر ببلبل يصوت ويترقص فقال : يقول إذا أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء ، وصاحت فاختة فقال : إنها تقول ليت الخلق لم يخلقوا ، فلعله كان صوت البلبل عن شبع وفراغ بال وصياح الفاختة عن مقاساة شدة وتألم قلب ، والضمير في { عَلِمْنَا } { وَأُوتِينَا } له ولأبيه عليهما الصلاة والسلام أوله وحده على عادة الملوك لمراعاة قواعد السياسة ، والمراد { مِن كُلِّ شَيْءٍ } كثرة ما أوتي كقولك : فلان يقصده كل أحد ويعلم كل شيء . { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ } الذي لا يخفى على أحد . { وَحُشِرَ } وجمع . { لِسُلَيْمَـٰنَ جُنُودُهُ مِنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنْس وَٱلطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } يحبسون بحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا . { حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِي ٱلنَّمْلِ } واد بالشام كثير النمل ، وتعدية الفعل إليه بـ { عَلَىٰ } إما لأن إتيانهم كان من عال أو لأن المراد قطعة من قولهم : أتى على الشيء إذا أنفده وبلغ آخره كأنهم أرادوا أن ينزلوا أخريات الوادي . { قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَـٰكِنَكُمْ } كأنها لما رأتهم متوجهين إلى الوادي فرت عنهم مخافة حطمهم فتبعها غيرها فصاحت صيحة نبهت بها ما بحضرتها من النمال فتبعتها ، فشبه ذلك بمخاطبة العقلاء ومناصحتهم ولذلك أجروا مجراهم مع أنه لا يمتنع أن خلق الله سبحانه وتعالى فيها العقل والنطق . { لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـٰنُ وَجُنُودُهُ } نهي لهم عن الحطم ، والمراد نهيها عن التوقف بحيث يحطمونها كقولهم : لا أرينك ها هنا ، فهو استئناف أو بدل من الأمر لا جواب له فإن النون لا تدخله في السعة . { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بأنهم يحطمونكم إذ لو شعروا لم يفعلوا كأنها شعرت عصمة الأنبياء من الظلم والإِيذاء . وقيل استئناف أي فهم سليمان والقوم لا يشعرون . { فَتَبَسَّمَ ضَـٰحِكاً مّن قَوْلِهَا } تعجباً من حذرها وتحذيرها واهتدائها إلى مصالحها ، وسروراً بما خصه الله تعالى به من إدراك همسها وفهم غرضها ولذلك سأل توفيق شكره . { وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ } أي اجعلني أزع شكر نعمتك عندي ، أي أكفه وأرتبطه لا ينفلت عني بحيث لا أنفك عنه ، وقرأ البزي وورش بفتح ياء { أَوْزِعْنِي } . { ٱلَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَالِدَىَّ } أدرج فيه ذكر والديه تكثيراً للنعمة أو تعميماً لها ، فإن النعمة عليهما نعمة عليه والنعمة عليه يرجع نفعها إليهما سيما الدينية . { وَأَنْ أَعْمَلَ صَـٰلِحاً تَرْضَـٰهُ } إتماماً للشكر واستدامة للنعمة . { وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } في عدادهم الجنة . { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ } وتعرف الطير فلم يجد فيها الهدهد . { فَقَالَ مَا لِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَائِبِينَ } أم منقطعة كأنه لما لم يره ظن أنه حاضر ولا يراه لساتر أو غيره فقال : ما لي لا أراه ، ثم احتاط فلاح له أنه غائب فأضرب عن ذلك وأخذ يقول أهو غائب كأنه يسأل عن صحة ما لاح له .