Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 157-162)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ } أي متم في سبيله وقرأ نافع وحمزة والكسائي بكسر الميم من مات يمات . { لَمَغْفِرَةٌ مّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ بِمَا يَجْمَعُونَ } جواب القسم وهو ساد مسد الجزاء والمعنى : إن السفر والغزو ليس مما يجلب الموت ويقدم الأجل وإن وقع ذلك في سبيل الله فما تنالون من المغفرة والرحمة بالموت خير مما تجمعون من الدنيا ومنافعها لو لم تموتوا . وقرأ حفص بالياء . { وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ } أي على أي وجه اتفق هلاككم . { لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ } لإلى معبودكم الذي توجهتم إليه . وبذلتم مهجكم لوجهه لا إلى غيره لا محالة تحشرون ، فيوفي جزاءكم ويعظم ثوابكم . وقرأ نافع وحمزة والكسائي { مُّتُّمْ } بالكسر . { فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ } أي فبرحمة ، وما مزيدة للتأكيد والتنبيه والدلالة على أن لينه لهم ما كان إلا برحمة من الله وهو ربطه على جأشه وتوفيقه للرفق بهم حتى اغتم لهم بعد أن خالفوه . { وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً } سيىء الخلق جافياً . { غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ } قاسيه . { لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } لتفرقوا عنك ولم يسكنوا إليك . { فَٱعْفُ عَنْهُمْ } فيما يختص بك . { وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ } فيما لله . { وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ } أي في أمر الحرب إذ الكلام فيه ، أو فيما يصح أن يشاور فيه استظهاراً برأيهم وتطييباً لنفوسهم وتمهيداً لسنة المشاورة للأمة . { فَإِذَا عَزَمْتَ } فإذا وطنت نفسك على شيء بعد الشورى . { فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } في إمضاء أمرك على ما هو أصلح لك ، فإنه لا يعلمه سواه . وقرىء { فَإِذَا عَزَمْتَ } ، على التكلم أي فإذا عزمت لك على شيء وعينته لك فتوكل على الله ولا تشاور فيه أحداً . { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكّلِينَ } فينصرهم ويهديهم إلى الصلاح . { إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ } كما نصركم يوم بدر . { فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ } فلا أحد يغلبكم . { وَإِن يَخْذُلْكُمْ } كما خذلكم يوم أحد . { فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مّنْ بَعْدِهِ } من بعد خذلانه ، أو من بعد الله بمعنى إذا جاوزتموه فلا ناصر لكم ، وهذا تنبيه على المقتضى للتوكل وتحريض على ما يستحق به النصر من الله وتحذير عما يستجلب خذلانه . { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } فليخصوه بالتوكل عليه لما علموا أن لا ناصر لهم سواه وآمنوا به . { وَمَا كَانَ لِنَبِيّ أَنْ يَغُلَّ } وما صح لنبي أن يخون في الغنائم فإن النبوة تنافي الخيانة ، يقال غل شيئاً من المغنم يغل غلولاً وأغل إغلالاً إذا أخذه في خفية والمراد منه : إما براءة الرسول عليه السلام عما اتهم به إذ روي أن قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض المنافقين لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها ، أو ظن به الرماة يوم أحد حين تركوا المركز للغنيمة وقالوا نخشى أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئاً فهو له ولا يقسم الغنائم . وإما المبالغة في النهي للرسول صلى الله عليه وسلم على ما روي أنه بعث طلائع ، فغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسم على من معه ولم يقسم للطلائع فنزلت . فيكون تسمية حرمان بعض المستحقين غلولاً تغليظاً ومبالغة ثانية . وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي ويعقوب { أَنْ يَغُلَّ } على البناء للمفعول والمعنى : وما صح له أن يوجد غالاً أو أن ينسب إلى الغلول . { وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } يأت بالذي غله يحمله على عنقه كما جاء في الحديث أو بما احتمل من وباله وإثمه . { ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ } يعني تعطي جزاء ما كسبت وافياً ، وكان اللائق بما قبله أن يقال ثم يوفى ما كسبت لكنه عمم الحكم ليكون كالبرهان على المقصود والمبالغة فيه ، فإنه إذا كان كل كاسب مجزياً بعمله فالغال مع عظم جرمه بذلك أولى . { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } فلا ينقص ثواب مطيعهم ولا يزاد في عقاب عاصيهم . { أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوٰنَ ٱللَّهِ } بالطاعة . { كَمَن بَاء } رجع . { بِسَخْطٍ مّنَ ٱللَّهِ } بسبب المعاصي . { وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } الفرق بينه وبين المرجع إن المصير يجب أن يخالف الحالة الأولى ولا كذلك المرجع .