Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 18-22)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } بين وحدانيته بنصب الدلائل الدالة عليها وإنزال الآيات الناطقة بها . { وَٱلْمَلَـئِكَةُ } بالإِقرار . { وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ } بالإِيمان بها والاحتجاج عليها ، شبه ذلك في البيان والكشف بشهادة الشاهد . { قَائِمَاً بِٱلْقِسْطِ } مقيماً للعدل في قسمه وحكمه وانتصابه على الحال من الله ، وإنما جاز إفراده بها ولم يجز جاء زيد وعمرو راكباً لعدم اللبس كقوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً } [ الأنبياء : 72 ] أو من هو والعامل فيها معنى الجملة أي تفرد قائماً ، أو أحقه لأنها حال مؤكدة ، أو على المدح ، أو الصفة للمنفي وفيه ضعف للفصل وهو مندرج في المشهود به إذا جعلته صفة ، أو حالاً من الضمير . وقرىء القائم بالقسط على البدل عن هو أو الخبر لمحذوف . { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } كرره للتأكيد ومزيد الاعتناء بمعرفة أدلة التوحيد والحكم به بعد إقامة الحجة وليبني عليه قوله : { ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } فيعلم أنه الموصوف بهما ، وقدم العزيز لتقديم العلم بقدرته على العلم بحكمته ، ورفعهما على البدل من الضمير أو الصفة لفاعل شهد . وقد روي في فضلهما أنه عليه الصلاة والسلام قال " يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله تعالـى : « إن لـعبدي هذا عندي عهداً وأنا أحق من وفى بالعهد ، ادخلوا عبدي الجنـة » " وهي دليل على فضل علم أصول الدين وشرف أهله . { إِنَّ الدّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ } جملة مستأنفة مؤكدة للأولى أي لا دين مرضي عند الله سوى الإسلام ، وهو التوحيد والتدرع بالشرع الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، وقرأ الكسائي بالفتح على أنه بدل من أنه بدل الكل أن فسر الإِسلام بالإِيمان ، أو بما يتضمنه وبدل اشتمال إن فسر بالشريعة . وقرىء أنه بالكسر وأن بالفتح على وقوع الفعل على الثاني ، واعتراض ما بينهما أو إجراء شهد مجرى قال تارة وعلم أخرى لتضمنه معناهما . { وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ } من اليهود والنصارى ، أو من أرباب الكتب المتقدمة في دين الإِسلام فقال قوم إنه حق وقال قوم إنه مخصوص بالعرب ونفاه آخرون مطلقاً ، أو في التوحيد فثلثت النصارى { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } [ التوبة : 30 ] وقيل هم قوم موسى اختلفوا بعده . وقيل هم النصارى اختلفوا في أمر عيسى عليه السلام . { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْعِلْمُ } أي بعد ما علموا حقيقة الأمر وتمكنوا من العلم بها بالآيات والحجج . { بَغْياً بَيْنَهُمْ } حسداً بينهم وطلباً للرئاسة ، لا لشبهة وخفاء في الأمر . { وَمَن يَكْفُرْ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهِ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } وعيد لمن كفر منهم . { فَإنْ حَاجُّوكَ } في الدين ، أو جادلوك فيه بعد ما أقمت الحجج . { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ } أخلصت نفسي وجملتي له لا أشرك فيها غيره ، وهو الدين القويم الذي قامت به الحجج ودعت إليه الآيات والرسل ، وإنما عبر بالوجه عن النفس لأنه أشرف الأعضاء الظاهرة ومظهر القوى والحواس { وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ } عطف على التاء في أسلمت وحسن للفصل ، أو مفعول معه . { وَقُلْ لّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلأُمّيّينَ } الذين لا كتاب لهم كمشركي العرب . { ءَأَسْلَمْتُمْ } كما أسلمت لما وضحت لكم الحجة ، أم أنتم بعد على كفركم ونظيره وقوله : { فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } [ المائدة : 91 ] وفيه تعيير لهم بالبلادة أو المعاندة . { فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ } فقد نفعوا أنفسهم بأن أخرجوها من الضلال . { وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَـٰغُ } أي فلم يضروك إذ ما عليك إلا أن تبلغ وقد بلغت . { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } وعد ووعيد . { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيّينَ بِغَيْرِ حَقّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } هم أهل الكتاب الذين في عصره عليه السلام . قتل أولهم الأنبياء ومتابعيهم وهم رضوا به وقصدوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ولكن الله عصمهم ، وقد سبق مثله في سورة البقرة . وقرأ حمزة « ويقاتلون الذين » . وقد منع سيبويه إدخال الفاء في خبر إن كليت ولعل ولذلك قيل الخبر . { أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } كقولك زيد فافهم رجل صالح ، والفرق أنه لا يغير معنى الابتداء بخلافهما . { وَمَا لَهُم مّن نَّـٰصِرِينَ } يدفع عنهم العذاب .