Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 61-64)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَمَنْ حَاجَّكَ } من النصاري . { فِيهِ } في عيسى . { مّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } أي من البينات الموجبة للعلم . { فَقُلْ تَعَالَوْاْ } هلموا بالرأي والعزم . { نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } أي يدع كل منا ومنكم نفسه وأعزة أهله وألصقهم بقلبه إلى المباهلة ويحمل عليها ، وإنما قدمهم على الأنفس لأن الرجل يخاطر بنفسه لهم ويحارب دونهم . { ثُمَّ نَبْتَهِلْ } أي نتباهل بأن نلعن الكاذب منا . والبهلة بالضم والفتح اللعنة وأصله الترك من قولهم بهلت الناقة إذا تركتها بلا صرار . { فَنَجْعَل لَّعْنَتُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰذِبِينَ } عطف فيه بيان روي ( أنهم لما دعوا إلى المباهلة قالوا حتى ننظر فلما تخالوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم ما ترى فقال : والله لقد عرفتم نبوته ، ولقد جاءكم بالفصل في أمر صاحبكم والله ما باهل قوم نبياً إلا هلكوا ، فإن أبيتم إلا إلف دينكم فوادعوا الرجل وانصرفوا ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غدا محتضناً الحسين آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي رضي الله عنه خلفها وهو يقول : " إذا أنا دعوت فأمنوا ، فقال أسقفهم يا معشر النصارى إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله فلا تباهلوا فتهلكوا ، فأذعنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلوا له الجزية ألفي حلة حمراء وثلاثين درعاً من حديد ، فقال عليه الصلاة والسلام : والذي نفسي بيده لو تباهلوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً ، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر " وهو دليل على نبوته وفضل من أتى بهم من أهل بيته . { إِنَّ هَذَا } أي ما قص من نبأ عيسى ومريم . { لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ } بجملتها خبر إن ، أو هو فصل يفيد أن ما ذكره في شأن عيسى ومريم حق دون ما ذكروه ، وما بعده خبر واللام دخلت فيه لأنه أقرب إلى المبتدأ من الخبر ، وأصلها أن تدخل على المبتدأ { وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ } صرح فيه بـ { مِنْ } المزيدة للاستغراق تأكيداً للرد على النصارى في تثليثهم { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } لا أحد سواه يساويه في القدرة التامة والحكمة البالغة ليشاركه في الألوهية . { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ } وعيد لهم ووضع المظهر موضع المضمر ليدل على أن التولي عن الحجج والإِعراض عن التوحيد ، إفساد للدين والاعتقاد المؤدي إلى فساد النفس بل وإلى فساد العالم . { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ } يعم أهل الكتابين . وقيل يريد به وفد نجران ، أو يهود المدينة . { تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } لا يختلف فيها الرسل والكتب ويفسرها ما بعدها . { أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ } أن نوحده بالعبادة ونخلص فيها . { وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } ولا نجعل غيره شريكاً له في استحقاق العبادة ولا نراه أهلاً لأن يعبد . { وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مّن دُونِ ٱللَّهِ } ولا نقول عزير ابن الله ، ولا المسيح ابن الله ، ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوا من التحريم والتحليل لأن كلا منهم بعضنا بشر مثلنا روي أنه لما نزلت { ٱتَّخَذُواْ أَحْبَـٰرَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ ٱللَّهِ } [ التوبة : 31 ] قال عدي بن حاتم : ما كنا نعبدهم يا رسول الله قال " أليس كانوا يحلون لكم ويحرمون فتأخذون بقولهم قال نعم قال : هو ذاك " { فَإِن تَوَلَّوْاْ } عن التوحيد . { فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } أي لزمتكم الحجة فاعترفوا بأنا مسلمون دونكم ، أو اعترفوا بأنكم كافرون بما نطقت به الكتب وتطابقت عليه الرسل . ( تنبيه ) أنظر إلى ما راعى في هذه القصة من المبالغة في الإِرشاد وحسن التدرج في الحجاج بين : أولاً ، أحوال عيسى عليه الصلاة والسلام وما تعاور عليه من الأطوار المنافية للألوهية ، ثم ذكر ما يحل عقدتهم ويزيح شبهتهم ، فلما رأى عنادهم ولجاجهم دعاهم إلى المباهلة بنوع من الإِعجاز ، ثم لما أعرضوا عنها وانقادوا بعض الانقياد عاد عليهم بالإِرشاد وسلك طريقاً أسهل ، وألزم بأن دعاهم إلى ما وافق عليه عيسى والإِنجيل وسائر الأنبياء والكتب ، ثم لما لم يجد ذلك أيضاً عليهم وعلم أن الآيات والنذر لا تغني عنهم أعرض عن ذلك وقال { فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } .