Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 21-26)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } خصلة حسنة من حقها أن يؤتسى بها كالثبات في الحرب ومقاساة الشدائد ، أو هو في نفسه قدوة يحسن التأسي به كقولك في البيضة عشرون منا حديداً أي هي في نفسها هذا القدر من الحديد ، وقرأ عاصم بضم الهمزة وهو لغة فيه . { لّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } أي ثواب الله أو لقاءه ونعيم الآخرة ، أو أيام الله واليوم الآخر خصوصاً . وقيل هو كقولك أرجو زيداً وفضله ، فإن { ٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } داخل فيها بحسب الحكم والرجاء يحتمل الأمل والخوف و { لِمَنْ } كان صلة لحسنة أو صفة لها . وقيل بدل من { لَكُمْ } والأكثر على أن ضمير المخاطب لا يبدل منه . { وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } وقرن بالرجاء كثرة الذكر المؤدية إلى ملازمة الطاعة ، فإن المؤتسي بالرسول من كان كذلك . { وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } بقوله تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم } [ البقرة : 214 ] الآية ، وقوله عليه الصلاة والسلام " سيشتد الأمر باجتماع الأحزاب عليكم والعاقبة لكم عليهم " وقوله عليه الصلاة والسلام : " إنهم سائرون إليكم بعد تسع أو عشر " وقرأ حمزة وأبو بكر بكسر الراء وفتح الهمزة . { وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } ظهر صدق خبر الله ورسوله أو صدقاً في النصرة والثواب كما صدقا في البلاء ، وإظهار الاسم للتعظيم . { وَمَا زَادَهُمْ } فيه ضمير { لَمَّا رَأَوُاْ } ، أو الخطب أو البلاء . { إِلاَّ إِيمَانًا } بالله ومواعيده . { وَتَسْلِيماً } لأوامره ومقاديره . { مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَـٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ } من الثبات مع الرسول صلى الله عليه وسلم والمقاتلة لإِعلاء الدين من صدقني إذا قال لك الصدق ، فإن المعاهد إذا وفى بعهده فقد صدق فيه . { فَمِنْهُمْ مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ } نذره بأن قاتل حتى استشهد كحمزة ومصعب بن عمير وأنس بن النضر ، والنحب النذر واستعير للموت لأنه كنذر لازم في رقبة كل حيوان . { وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ } الشهادة كعثمان وطلحة رضي الله عنهما . { وَمَا بَدَّلُواْ } العهد ولا غيروه . { تَبْدِيلاً } شيئاً من التبديل . روي أن طلحة ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حتى أصيبت يده فقال عليه الصلاة والسلام : " أوجب طلحة " وفيه تعريض لأهل النفاق ومرض القلب بالتبديل ، وقوله : { لّيَجْزِىَ ٱللَّهُ ٱلصَّـٰدِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذّبَ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } تعليل للمنطوق والمعرض به ، فكأن المنافقين قصدوا بالتبديل عاقبة السوء كما قصد المخلصون بالثبات والوفاء العاقبة الحسنى ، والتوبة عليهم مشروطة بتوبتهم أو المراد بها التوفيق للتوبة . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } لمن تاب . { وَرَدَّ اللهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني الأحزاب . { بِغَيْظِهِمْ } متغيظين . { لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً } غير ظافرين وهما حالان بتداخل أو تعاقب . { وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ } بالريح والملائكة . { وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً } على إحداث ما يريده . { عَزِيزاً } غالباً على كل شيء . { وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَـٰهَرُوهُم } ظاهروا الأحزاب . { مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني قريظة . { مِن صَيَاصِيهِمْ } من حصونهم جمع صيصية وهي ما يتحصن به ولذلك يقال لقرن الثور والظبى وشوكة الديك . { وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ } الخوف وقرىء بالضم . { فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً } وقرىء بضم السين روي : " أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة الليلة التي انهزم فيها الأحزاب فقال : أتنزع لأمتك والملائكة لم يضعوا السلاح إن الله يأمرك بالسير إلى بني قريظة وأنا عامد إليهم فأذن في الناس أن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة ، فحاصرهم إحدى وعشرين أو خمساً وعشرين حتى جهدهم الحصار فقال لهم : تنزلون على حكمي فأبوا فقال : على حكم سعد بن معاذ فرضوا به ، فحكم سعد بقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم ونسائهم ، فكبر النبي عليه الصلاة والسلام فقال : لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة ، فقتل منهم ستمائة أو أكثر وأسر منهم سبعمائة "