Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 55-69)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوٰنِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوٰنِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوٰتِهِنَّ } استثناء لمن لا يجب الاحتجاب عنهم . روي : أنه لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب : يا رسول الله أو نكلمهن أيضاً من وراء حجاب فنزلت . وإنما لم يذكر العم والخال لأنهما بمنزلة الوالدين ولذلك سمى العم أبا في قوله { وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرٰهِيمَ وَإِسْمَـٰعِيلَ وَإِسْحَـٰقَ } [ البقرة : 133 ] أو لأنه كره ترك الاحتجاب عنهما مخافة أن يصفا لأبنائهما . { وَلاَ نِسَائِهِنَّ } يعني نساء المؤمنات . { وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } من العبيد والإماء ، وقيل من الإِماء خاصة وقد مر في سورة « النور » . { وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ } فيما أمرتن به . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ شَهِيداً } لا يخَفى عليه خافية . { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ } يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه . { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ } اعتنوا أنتم أيضاً فإنكم أولى بذلك وقولوا اللهم صلِّ على محمد . { وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً } وقولوا السلام عليك أيها النبي وقيل وانقادوا لأوامره ، والآية تدل على وجوب الصلاة والسلام عليه في الجملة ، وقيل تجب الصلاة كلما جرى ذكره لقوله عليه الصلاة والسلام " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي " وقوله " من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله " وتجوز الصلاة على غيره تبعاً . وتكره استقلالاً لأنه في العرف صار شعاراً لذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ولذلك كره أن يقال محمد عز وجل وإن كان عزيزاً وجليلاً . { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } يرتكبون ما يكرهانه من الكفر والمعاصي ، أو يؤذون رسول الله بكسر رباعيته وقولهم شاعر مجنون ونحو ذلك وذكر الله للتعظيم له . ومن جوز إطلاق اللفظ على معنيين فسره بالمعنيين باعتبار المعمولين . { لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ } أبعدهم من رحمته . { فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } يهينهم مع الإِيلام . { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } بغير جناية استحقوا بها الإِيذاء . { فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَـٰناً وَإِثْماً مُّبِيناً } ظاهراً . قيل إنها نزلت في منافقين كانوا يؤذون علياً رضي الله عنه ، وقيل في أهل الإِفك ، وقيل في زناة كانوا يتبعون النساء وهن كارهات . { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لأَزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ } يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن إذا برزن لحاجة ، و { مِنْ } للتبعيض فإن المرأة ترخي بعض جلبابها وتتلفع ببعض و { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ } يميزن من الإِماء والقينات . { فَلاَ يُؤْذَيْنَ } فلا يؤذيهن أهل الريبة بالتعرض لهن . { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً } لما سلف . { رَّحِيماً } بعباده حيث يراعي مصالحهم حتى الجزئياب منها . { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ } عن نفاقهم . { وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } ضعف إيمان وقلة ثبات عليه ، أو فجور عن تزلزلهم في الدين أو فجورهم . { وَٱلْمُرْجِفُونَ فِى ٱلْمَدِينَةِ } يرجفون أخبار السوء عن سرايا المسلمين ونحوها من إرجافهم ، وأصله التحريك من الرجفة وهي الزلزلة سمي به الإِخبار الكاذب لكونه متزلزلاً غير ثابت . { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } لنأمرنك بقتالهم وإجلائهم ، أو ما يضطرهم إلى طلب الجلاء . { ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ } عطف على { لَنُغْرِيَنَّكَ } ، و { ثُمَّ } للدلالة على أن الجلاء ومفارقة جوار الرسول أعظم ما يصيبهم . { فِيهَا } في المدينة . { إِلاَّ قَلِيلاً } زماناً أو جواراً قليلاً . { مَّلْعُونِينَ } نصب على الشتم أو الحال والاستثناء شامل له أيضاً أي : { لاَ يُجَاوِرُونَكَ } إلا ملعونين ، ولا يجوز أن ينصب عن قوله : { أَيْنَمَا ثُقِفُواْ أُخِذُواْ وَقُتّلُواْ تَقْتِيلاً } لأن ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيما قبلها . { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِى ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ } مصدر مؤكد أي سن الله ذلك في الأمم الماضية ، وهو أن يقتل الذين نافقوا الأنبياء وسعوا في وهنهم بالإِرجاف ونحوه { أَيْنَمَا ثُقِفُواْ } . { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } لأنه لا يبدلها ولا يقدر أحد أن يبدلها . { يَسْـئَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } عن وقت قيامها استهزاء وتعنتاً او امتحاناً . { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ } لم يطلع عليه ملكاً ولا نبياً . { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } شيئاً قريباً أو تكون الساعة عن قريب وانتصابه على الظرف ، ويجوز أن يكون التذكير لأن { ٱلسَّاعَةَ } في معنى اليوم ، وفيه تهديد للمستعجلين وإسكات للمتعنتين . { إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً } ناراً شديدة الاتقاد . { خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً } يحفظهم . { وَلاَ نَصِيراً } يدفع العذاب عنهم . { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِى ٱلنَّارِ } تصرف من جهة إلى جهة كاللحم يشوى بالنار ، أو من حال إلى حال ، وقرىء { تَقَلُّبُ } بمعنى تتقلب و { تَقَلُّبُ } ومتعلق الظرف . { يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَا أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } فلن نبتلي بهذا العذاب . { وَقَالُواْ رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا } يعنون قادتهم الذين لقنوهم الكفر ، وقرأ ابن عامر ويعقوب « ساداتنا » على جمع الجمع للدلالة على الكثرة . { فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } بما زينوا لنا . { رَبَّنَا ءَاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } مثلي ما آتيتنا منه لأنهم ضلوا وأضلوا . { وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَثِيراً } كثير العدد ، وقرأ عاصم بالباء أي لعناً هو أشد اللعن وأعظمه . { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءَاذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ } فأظهر براءته من مقولهن يعني مؤداه ومضمونه ، وذلك أن قارون حرض امرأة على قذفه بنفسها فعصمه الله كما مر في « القصص » ، او اتهمه ناس بقتل هرون لما خرج معه إلى الطور فمات هناك ، فحملته الملائكة ومروا به حتى رؤوه غير مقتول . وقيل أحياه الله فأخبرهم ببراءته ، أو قذفوه بعيب في بدنه من برص أو أدرة لفرط تستره حياء فأطلعهم الله على أنه بريء منه . { وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } ذا قربة ووجاهة ، وقرىء وكان « عبد الله وجيهاً » .