Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 164-179)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } حكاية اعتراف الملائكة بالعبودية للرد على عبدتهم والمعنى : وما منا أحد إلا له مقام معلوم في المعرفة والعبادة والانتهاء إلى أمر الله في تدبير العالم ، ويحتمل أن يكون هذا وما قبله من قوله { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ } من كلامهم ليتصل بقوله : { وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ } [ الصافات : 158 ] كأنه قال ولقد علمت الملائكة أن المشركين معذبون بذلك وقالوا { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ } تنزيهاً له عنه ، ثم استثنوا { ٱلْمُخْلَصِينَ } تبرئة لهم منه ، ثم خاطبوا المشركين بأن الافتتان بذلك للشقاوة المقدرة ، ثم اعترفوا بالعبودية وتفاوت مراتبهم فيه لا يتجاوزونها فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه . { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّافُّونَ } في أداء الطاعة ومنازل الخدمة . { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبّحُونَ } المنزهون الله عما لا يليق به ، ولعل الأول إشارة إلى درجاتهم في الطاعة وهذا في المعارف ، وما في إن واللام وتوسيط الفصل من التأكيد والاختصاص لأنهم المواظبون على ذلك دائماً من غير فترة دون غيرهم . وقيل هو من كلام النبي عليه الصلاة والسلام والمؤمنين والمعنى : وما منا إلا له مقام معلوم في الجنة أو بين يدي الله يوم القيامة ، { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّافُّونَ } له في الصلاة والمنزهون له عن السوء . { وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ } أي مشركوا قريش . { لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مّنَ ٱلأَوَّلِينَ } كتاباً من الكتب التي نزلت عليهم . { لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } لأخلصنا العبادة له ولم نخالف مثلهم . { فَكَفَرُواْ بِهِ } أي لما جاءهم الذكر الذي هو أشرف الأذكار والمهيمن عليها . { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } عاقبة كفرهم . { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } أي وعدنا لهم النصر والغلبة وهو قوله : { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } . { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } وهو باعتبار الغالب والمقضي بالذات ، وإنما سماه كلمة وهي كلمات لانتظامهم في معنى واحد . { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } فأعرض عنهم . { حَتَّىٰ حِينٍ } هو الموعد لنصرك عليهم وهو يوم بدر ، وقيل يوم الفتح . { وَأَبْصِرْهُمْ } على ما ينالهم حينئذ والمراد بالأمر الدلالة على أن ذلك كائن قريب كأنه قدامه . { فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } ما قضينا لك من التأييد والنصرة والثواب في الآخرة ، و « سوف » للوعيد لا للتبعيد . { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } روي أنه لما نزل { فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } قالوا متى هذا فنزلت . { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ } فإذا نزل العذاب بفنائهم ، شبهه بجيش هجمهم فأناخ بفنائهم بغتة ، وقيل الرسول وقرىء « نَزَّلَ » على إسناده إلى الجار والمجرور و « نَزَّلَ » أي العذاب . { فَسَاء صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } فبئس صباح المنذرين صباحهم ، واللام للجنس والـ { صَبَاحُ } مستعار من صباح الجيش المبيت لوقت نزول العذاب ، ولما كثر فيهم الهجوم والغارة في الصباح سموا الغارة صباحاً وإن وقعت في وقت آخر . { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } تأكيد إلى تأكيد وإطلاق بعد تقييد للاشعار بأنه يبصر وأنهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من أصناف المسرة وأنواع المساءة ، أو الأول لعذاب الدنيا والثاني لعذاب الآخرة .