Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 146-153)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } عن النفاق . { وَأَصْلَحُواْ } ما أفسدوا من أسرارهم وأحوالهم في حال النفاق . { وَٱعْتَصَمُواْ بِٱللَّهِ } وثقوا به أو تمسكوا بدينه . { وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ } لا يريدون بطاعتهم إلا وجهه سبحانه وتعالى . { فَأُوْلَٰـئِكَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ومن عدادهم في الدارين . { وَسَوْفَ يُؤْتِ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً } فيساهمونهم فيه . { مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَءَامَنْتُمْ } أيتشفى به غيظاً أو يدفع به ضرراً أو يستجلب به نفعاً وهو الغني المتعالي عن النفع والضر ، وإنما يعاقب المصر بكفره لأن إصراره عليه كسوء مزاج يؤدي إلى مرض فإذا أزاله بالإِيمان والشكر ونفى نفسه عنه تخلص من تبعته ، وإنما قدم الشكر لأن الناظر يدرك النعمة أولاً فيشكر شكراً مبهماً ، ثم يمعن النظر حتى يعرف المنعم فيؤمن به . { وَكَانَ ٱللَّهُ شَـٰكِراً } مثيباً يقبل اليسير ويعطي الجزيل . { عَلِيماً } بحق شكركم وإيمانكم . { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوء مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ } إلا جهر من ظلم بالدعاء على الظالم والتظلم منه . وروي أن رجلاً ضاف قوماً فلم يطعموه فاشتكاهم فعوتب عليه . فنزلت وقرىء من ظلم على البناء للفاعل فيكون الاستثناء منقطعاً أي ولكن الظالم يفعل ما لا يحبه الله . { وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً } لكلام المظلوم . { عَلِيماً } بالظالم . { إِن تُبْدُواْ خَيْراً } طاعة وبراً . { أَوْ تُخْفُوهْ } أو تفعلوه سراً . { أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوء } لكم المؤاخذة عليه ، وهو المقصود وذكر إبداء الخير وإخفائه تشبيب له ، ولذلك رتب عليه قوله . { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً } أي يكثر العفو عن العصاة مع كمال قدرته على الانتقام فأنتم أولى بذلك ، وهو حث للمظلوم على العفو بعدما رخص له في الانتظار حملاً على مكارم الأخلاق . { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرّقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } بأن يؤمنوا بالله ويكفروا برسله . { وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعضهم . { وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } طريقاً وسطاً بين الإِيمان والكفر ، لا واسطة : إذ الحق لا يختلف فإن الإِيمان بالله سبحانه وتعالى لا يتم إلا بالإِيمان برسله وتصديقهم فيما بلغوا عنه تفصيلاً أو إجمالاً ، فالكافر ببعض ذلك كالكافر بالكل في الضلال كما قال الله تعالى : { فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } [ يونس : 32 ] { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰفِرُونَ } هم الكاملون في الكفر لا عبرة بإيمانهم هذا . { حَقّاً } مصدر مؤكد لغيره أو صفة لمصدر الكافرين بمعنى : هم الذين كفروا كفراً حقاً أي يقيناً محققاً . { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَـٰفِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } . { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ } أضدادهم ومقابلوهم ، وإنما دخل بين على أحد وهو يقتضي متعدداً لعمومه من حيث إنه وقع في سياق النفي . { أُوْلَٰـئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ } الموعودة لهم وتصديره بسوف لتأكيد الوعد والدلالة على أنه كائن لا محالة وإن تأخر . وقرأ حفص عن عاصم وقالون عن يعقوب بالياء على تلوين الخطاب . { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً } لما فرط منهم . { رَّحِيماً } عليهم بتضعيف حسناتهم . { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ أَن تُنَزّلَ عَلَيْهِمْ كِتَـٰباً مّنَ ٱلسَّمَاء } نزلت في أحبار اليهود قالوا : إن كنت صادقاً فائتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى به موسى عليه السلام ، وقيل : كتاباً محرراً بخط سماوي على ألواح كما كانت التوراة ، أو كتاباً نعاينه حين ينزل ، أو كتاباً إلينا بأعياننا بأنك رسول الله . { فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ } جواب شرط مقدر أي : إن استكبرت ما سألوه منك فقد سألوا موسى عليه السلام أكبر منه ، وهذا السؤال وإن كان من آبائهم أسند إليهم لأنهم كانوا آخذين بمذهبهم تابعين لهديهم . والمعنى إن عرقهم راسخ في ذلك وأن ما اقترحوه عليك ليس بأول جهالاتهم وخيالاتهم . { فَقَالُواْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً } عياناً أرناه نره جهرة ، أو مجاهرين معاينين له . { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ } نار جاءت من قبل السماء فأهلكتهم . { بِظُلْمِهِمْ } بسبب ظلمهم وهو تعنتهم وسؤالهم ، ما يستحيل في تلك الحال التي كانوا عليها وذلك لا يقتضي امتناع الرؤية مطلقاً . { ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ } هذه الجناية الثانية التي اقترفها أيضاً أوائلهم ، والبينات ، المعجزات ، ولا يجوز حملها على التوراة إذ لم تأتهم بعد . { فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ وَءَاتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَـٰناً مُّبِيناً } تسلطاً ظاهراً عليهم حين أمرهم بأن يقتلوا أنفسهم توبة عن اتخاذهم .