Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 33-37)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلِكُلٍ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوٰلِدٰنِ وَٱلأَقْرَبُونَ } أي ولكل تركة جعلنا وراثاً يلونها ويحرزونها ، ومما ترك بيان لكل مع الفصل بالعامل . أو لكل ميت جعلنا وراثاً مما ترك على أن من صلة موالي . لأنه في معنى الوارث ، وفي ترك ضمير كل والوالدان والأقربون استئناف مفسر للموالي ، وفيه خروج الأولاد فإن الأقربون لا يتناولهم كما لا يتناول الوالدين ، أو لكل قوم جعلناهم موالي حظ مما ترك الوالدان والأقربون ، على إن جعلنا موالي صفة كل والراجع إليه محذوف على هذا فالجملة من مبتدأ وخبر . { وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } موالى الموالاة ، كان الحليف يورث السدس من مال حليفه فنسخ بقوله : { وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } [ الأنفال : 75 ] وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى : لو أسلم رجل على يد رجل وتعاقد على أن يتعاقلا ويتوارثا صح وورث . أو الأزواج على أن العقد عقد النكاح وهو مبتدأ ضمن معنى الشرط وخبره . { فَآتُوهُم نَصِيبَهُمْ } أو منصوب بمضمر يفسره ما بعده كقولك : زيداً فاضربه ، أو معطوف على الوالدان ، وقوله فآتوهم جملة مسببة عن الجملة المتقدمة مؤكدة لها ، والضمير للموالي . وقرأ الكوفيون { عَقَدَتْ } بمعنى عقدت عهودهم إيمانكم فحذف العهود وأقيم الضمير المضاف إليه مقامه ثم حذف كما حذف في القراءة الأخرى . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلّ شَيْءٍ شَهِيداً } تهديد على منع نصيبهم . { ٱلرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاء } يقومون عليهن قيام الولاة على الرعية ، وعلل ذلك بأمرين وهبي وكسبي فقال : { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل وحسن التدبير ، ومزيد القوة في الأعمال والطاعات ، ولذلك خصوا بالنبوة والإِمامة والولاية وإقامة الشعائر ، والشهادة في مجامع القضايا ، ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها ، والتعصيب وزيادة السهم في الميراث والاستبداد بالفراق . { وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ } في نكاحهن كالمهر والنفقة . روي " ( أن سعد بن الربيع أحد نقباء الأنصار نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير ، فلطمها فانطلق بها أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتقتص منه ، فنزلت فقال عليه الصلاة والسلام : أردنا أمراً وأراد الله أمراً والذي أراد الله خير " { فَٱلصَّـٰلِحَـٰتُ قَـٰنِتَـٰتٌ } مطيعات لله قائمات بحقوق الأزواج . { حَافِظَـٰتٌ لّلْغَيْبِ } لمواجب الغيب أي يحفظن في غيبة الأزواج ما يجب حفظه في النفس والمال ، وعنه عليه الصلاة والسلام : " خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك ، وإن أمرتها أطاعتك ، وإن غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها " وتلا الآية . وقيل لأسرارهم . { بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ } بحفظ الله إياهن بالأمر على حفظ الغيب والحث عليه بالوعد والوعيد والتوفيق له ، أو بالذي حفظه الله لهن عليهم من المهر والنفقة والقيام بحفظهن والذب عنهن . وقرىء { بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ } بالنصب على أن ما موصولة فإنها لو كانت مصدرية لم يكن لحفظ فاعل ، والمعنى بالأمر الذي حفظ حق الله وطاعته وهو التعفف والشفقة على الرجال . { وَٱللَّـٰتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ } عصيانهن وترفعهن عن مطاوعة الأزواج من النشز . { فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ } في المراقد فلا تدخلوهن تحت اللحف ، أو لا تباشروهن فيكون كناية عن الجماع . وقيل المضاجع المبايت أي لا تباينوهن { وَٱضْرِبُوهُنَّ } يعني ضرباً غير مبرح ولا شائن ، والأمور الثلاثة مرتبة ينبغي أن يتدرج فيها . { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً } بالتوبيخ والإِيذاء ، والمعنى فأزيلوا عنهن التعرض واجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } فاحذروه فإنه أقدر عليكم منكم على من تحت أيديكم ، أو أنه على علو شأنه يتجاوز عن سيئاتكم ويتوب عليكم فأنتم أحق بالعفو عن أزواجكم ، أو أنه يتعالى ويتكبر أن يظلم أحداً أو ينقص حقه . { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا } خلافاً بين المرأة وزوجها ، أضمرها وإن لم يجر ذكرهما لجرى ما يدل عليهما وإضافة الشقاق إلى الظرف إما لإجرائه مجرى المفعول به كقوله : يَا سَارِقَ اللَّيْلَةَ أَهْلَ الدَّارِ أو لفاعل كقولهم نهارك صائم . { فَٱبْعَثُواْ حَكَماً مّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مّنْ أَهْلِهَا } فابعثوا أيها الحكام متى اشتبه عليكم حالهما لتبيين الأمر أو إصلاح ذات البين ، رجلاً وسطاً يصلح للحكومة والإِصلاح من أهله وآخر من أهلها ، فإن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال وأطلب للصلاح ، وهذا على وجه الاستحباب فلو نصبا من الأجانب جاز . وقيل الخطاب للأزواج والزوجات ، واستدل به على جواز التحكيم ، والأظهر أن النصب لإصلاح ذات البين أو لتبيين الأمر ولا يليان الجمع والتفريق إلا بإذن الزوجين ، وقال مالك لهما أن يتخالعا إن وجدا الصلاح فيه . { إِن يُرِيدَا إِصْلَـٰحاً يُوَفّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَا } الضمير الأول للحكمين والثاني للزوجين ، أي إن قصدا الإِصلاح أوقع الله بحسن سعيهما الموافقة بين الزوجين . وقيل كلاهما للحكمين أي إن قصدا الإِصلاح يوفق الله بينهما لتتفق كلمتهما ويحصل مقصودهما . وقيل للزوجين أي إن أرادا الإصلاح وزوال الشقاق أوقع الله بينهما الألفة والوفاق ، وفيه تنبيه على أن من أصلح نيته فيما يتحراه أصلح الله مبتغاه . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً } بالظواهر والبواطن ، فيعلم كيف يرفع الشقاق ويوقع الوفاق . { وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } صنماً أو غيره ، أو شيئاً من الإِشراك جلياً أو خفياً { وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً } وأحسنوا بهما إحساناً . { وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ } وبصاحب القرابة . { وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } أي الذي قرب جواره . وقيل الذي له الجوار قرب واتصال بنسب أو دين . وقرىء بالنصب على الاختصاص تعظيماً لحقه . { وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ } البعيد ، أو الذي لا قرابة له . وعنه عليه الصلاة والسلام : " الجيران ثلاثة . فجار له ثلاثة حقوق : حق الجوار ، وحق القرابة ، وحق الإِسلام . وجار له حقان : حق الجوار وحق الإِسلام ، وجار له حق واحد : حق الجوار وهو المشرك من أهل الكتاب " { وَٱلصَّـٰحِبِ بِٱلجَنْبِ } الرفيق في أمر حسن كتعلم وتصرف وصناعة وسفر ، فإنه صحبك وحصل بجنبك . وقيل المرأة . { وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } المسافر أو الضعيف . { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } العبيد والإِماء . { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً } متكبراً يأنف عن أقاربه وجيرانه وأصحابه ولا يلتفت إليهم . { فَخُوراً } يتفاخر عليهم . { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ } بدل من قوله من كان ، أو نصب على الذم أو رفع عليه أي هم الذين ، أو مبتدأ خبره محذوف تقديره الذين يبخلون بما منحوا به ويأمرون الناس بالبخل به . وقرأ حمزة والكسائي ههنا وفي « الحديد » { بِٱلْبُخْلِ } بفتح الحرفين وهي لغة . { وَيَكْتُمُونَ مَا ءَاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } الغنى والعلم فهم أحقاء بكل ملامة . { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَـٰفِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } وضع الظاهر فيه موضع المضمر إشعاراً بأن من هذا شأنه فهو كافر لنعمة الله ، وما كان كافراً لنعمة الله فله عذاب يهينه كما أهان النعمة بالبخل والإِخفاء . والآية نزلت في طائفة من اليهود كانوا يقولون للأنصار تنصيحاً : لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر . وقيل في الذين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم .