Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 1-9)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية وآيها أربع أو خمس وثلاثون آية بسم الله الرحمن الرحيم { حـم تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِٱلْحَقّ } إلا خلقاً ملتبساً بالحق وهو ما تقتضيه الحكمة والمعدلة ، وفيه دلالة على وجود الصانع الحكيم ، والبعث للمجازاة على ما قررناه مراراً . { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } وبتقدير أجل مسمى ينتهي إليه الكل وهو يوم القيامة ، أو كل واحد وهو آخر مدة بقائه المقدرة له . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّا أُنذِرُواْ } من هول ذلك الوقت ، ويجوز أن تكون « ما » مصدرية . { مُّعْرِضُونَ } لا يتفكرون فيه ولا يستعدون لحلوله . { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } أي أخبروني عن حال آلهتكم بعد تأمل فيها ، هل يعقل أن يكون لها في أنفسها مدخل في خلق شيء من أجزاء العالم فتستحق به العبادة . وتخصيص الشرك بالسموات احتراز عما يتوهم أن للوسائط شركة في إيجاد الحوادث السفلية . { ٱئْتُونِى بِكِتَـٰبٍ مّن قَبْلِ هَـٰذَا } من قبل هذا الكتاب يعني القرآن فإنه ناطق بالتوحيد . { أَوْ أَثَـٰرَةٍ مّنْ عِلْمٍ } أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين هل فيها ما يدل على استحقاقهم للعبادة أو الأمر به . { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في دعواكم ، وهو إلزام بعدم ما يدل على ألوهيتهم بوجه ما نقلاً بعد إلزامهم بعدم ما يقتضيها عقلاً ، وقرىء « إثارة » بالكسر أي مناظرة فإن المناظرة تثير المعاني ، و « أثرة » أي شيء أوثرتم به وأثرة بالحركات الثلاث في الهمزة وسكون الثاء فالمفتوحة للمرة من مصدر أثر الحديث إذا رواه والمكسورة بمعنى الأثرة والمضمومة اسم ما يؤثر . { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ } إنكار أن يكون أحد أضل من المشركين حيث تركوا عبادة السميع البصير المجيب القادر الخبير إلى عبادة من لا يستجيب لهم لو سمع دعاءهم ، فضلاً أن يعلم سرائرهم ويراعي مصالحهم . { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } ما دامت الدنيا . { وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَـٰفِلُونَ } لأنهم إما جمادات وإما عباد مسخرون مشتغلون بأحوالهم . { وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَاءً } يضرونهم ولا ينفعونهم . { وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَـٰفِرِينَ } مكذبين بلسان الحال أو المقال . وقيل الضمير للعابدين وهو كقوله تعالى : { وَٱللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا بَيّنَاتٍ } واضحات أو مبينات . { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقّ } لأجله وفي شأنه ، والمراد به الآيات ووضعه موضع ضميرها ووضع { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } موضع ضمير المتلو عليهم للتسجيل عليها بالحق وعليهم بالكفر والانهماك في الضلالة . { لَمَّا جَاءهُمْ } حينما جاءهم من غير نظر وتأمل . { هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } ظاهر بطلانه . { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } إضراب عن ذكر تسميتهم إياه سحراً إلى ذكر ما هو أشنع منه وإنكار له وتعجيب . { قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ } على الفرض . { فَلاَ تَمْلِكُونَ لِى مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } أي إن عاجلني الله بالعقوبة فلا تقدرون على دفع شيء منها فكيف أجترىء عليه وأعرض نفسي للعقاب من غير توقع نفع ولا دفع ضر من قبلكم . { هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ } تندفعون فيه من القدح في آياته . { كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ } يشهد لي بالصدق والبلاغ وعليكم بالكذب والإِنكار ، وهو وعيد بجزاء إفاضتهم ، { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } وعد بالمغفرة والرحمة لمن تاب وآمن وإشعار بحلم الله عنهم مع عظم جرمهم . { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ ٱلرُّسُلِ } بديعاً منهم أدعوكم إلى ما لا يدعون إليه ، أو أقدر على ما لم يقدروا عليه ، وهو الإِتيان بالمقترحات كلها ونظيره الخف بمعنى الخفيف . وقرىء بفتح الدال على أنه كقيم أو مقدر بمضاف أي ذا بدع . { وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ } في الدارين على التفضيل إذ لا علم لي بالغيب ، و { لا } لتأكيد النفي المشتمل على إما يفعل بي { وَمَا } إما موصولة منصوبة أو استفهامية مرفوعة . وقرىء { يَفْعَلُ } أي يفعل الله . { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَىَّ } لا أتجاوزه ، وهو جواب عن اقتراحهم الإِخبار عما لم يوح إليه من الغيوب ، أو استعجال المسلمين أن يتخلصوا من أذى المشركين . { وَمَا أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ } من عقاب الله . { مُّبِينٌ } بين الإِنذار بالشواهد المبينة والمعجزات المصدقة .