Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 5-15)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَيَهْدِيهِمْ } إلى الثواب ، أو سيثبت هدايتهم . { وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } . { وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } وقد عرفها لهم في الدنيا حتى اشتاقوا إليها فعملوا ما استحقوها به ، أو بينها لهم بحيث يعلم كل واحد منزله ويهتدي إليه كأنه كان ساكنه منذ خلق ، أو طيبها لهم من العرف وهو طيب الرائحة ، أو حددها لهم بحيث يكون لكل جنة مفرزة . { يَأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ } إن تنصروا دينه ورسوله . { يَنصُرْكُمُ } على عدوكم . { وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ } في القيام بحقوق الإِسلام والمجاهدة مع الكفار . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ } فعثوراً لهم وانحطاطاً ونقضه لما قال الأعشى : @ فالتعس أولى بها من أن أقول لَعَا @@ وانتصابه بفعله الواجب إضماره سماعاً ، والجملة خبر { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أو مفسرة لناصبه . { وَأَضَلَّ أَعْمَـٰلَهُمْ } عطف عليه . { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ } القرآن لما فيه من التوحيد والتكاليف المخالفة لما ألفوه واشتهته أنفسهم ، وهو تخصيص وتصريح بسببه الكفر بالقرآن للتعس والإِضلال . { فَأَحْبَطَ أَعْمَـٰلَهُمْ } كرره إشعاراً بأنه يلزم الكفر بالقرآن ولا ينفك عنه بحال . { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } استأصل عليهم ما اختص بهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم . { وَلِلْكَـٰفِرِينَ } من وضع الظاهر موضع المضمر . { أَمْثَـٰلُهَا } أمثال تلك العاقبة أو العقوبة ، أو الهلكة لأن التدمير يدل عليها ، أو السنة لقوله تعالى : { سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى قَدْ خَلَتْ } [ غافر : 85 ] { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } ناصرهم على أعدائهم . { وَأَنَّ ٱلْكَـٰفِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } فيدفع العذاب عنهم وهو لا يخالف قوله : { وَرُدُّواْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقّ } [ يونس : 30 ] فإن المولى فيه بمعنى المالك . { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ } ينتفعون بمتاع الدنيا . { وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَـٰمُ } حريصين غافلين عن العاقبة . { وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } منزل ومقام . { وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ هِىَ أَشَدُّ قُوَّةً مّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِى أَخْرَجَتْكَ } على حذف المضاف وإجراء أحكامه على المضاف إليه ، والإِخراج باعتبار التسبب . { أَهْلَكْنَـٰهُمْ } بأنواع العذاب . { فَلاَ نَـٰصِرَ لَهُمْ } يدفع عنهم العذاب وهو كالحال المحكية . { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ } حجة من عنده وهو القرآن ، أو ما يعمه والحجج العقلية كالنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين . { كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ } كالشرك والمعاصي . { وَٱتَّبَعُواْ أَهْوَاءَهُمْ } في ذلك لا شبهة لهم عليه فضلاً عن حجة . { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } أي فيما قصصنا عليك صفتها العجيبة . وقيل مبتدأ خبره : { كَمَنْ هُوَ خَـٰلِدٌ فِى ٱلنَّارِ } ، وتقدير الكلام أمثل أهل الجنة كمثل من هو خالد ، أو أمثل الجنة كمثل جزاء من هو خالد فعري عن حرف الإِنكار وحذف ما حذف استغناء يجري مثله تصويراً لمكابرة من يسوي بين المتمسك بالبينة والتابع للهوى ، بمكابرة من يسوي بين الجنة والنار ، وهو على الأول خبر محذوف تقديره : أفمن هو خالد في هذه الجنة كمن هو خالد في النار ، أو بدل من قوله : { كَمَن زُيّنَ } وما بينهما اعتراض لبيان ما يمتاز به من على بينة في الآخرة تقريراً لإِنكار المساواة . { فِيهَا أَنْهَارٌ مّن مَّاءٍ غَيْرِ ءاسِنٍ } استئناف لشرح المثل أو حال من العائد المحذوف ، أو خبر لمثل و { ءاسِنٍ } من أسن الماء بالفتح إذا تغير طعمه وريحه ، أو بالكسر على معنى الحدوث . وقرأ ابن كثير « أسن » . { وَأَنْهَارٌ مّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ } لم يصر قارصاً ولا حازراً . { وَأَنْهَـٰرٌ مّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لّلشَّـٰرِبِينَ } لذيذة لا يكون فيها كراهة طعم وريح ولا غائلة سكر وخمار تأنيث لذ أو مصدر نعت به بإضمار ذات ، أو تجوز وقرئت بالرفع على صفة الأنهار والنصب على العلة . { وَأَنْهَـٰرٌ مّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } لم يخالطه الشمع وفضلات النحل وغيرها ، وفي ذلك تمثيل لما يقوم مقام الأشربة في الجنة بأنواع ما يستلذ منها في الدنيا بالتجريد عما ينقصها وينغصها ، والتوصيف بما يوجب غزارتها واستمرارها . { وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ } صنف على هذا القياس . { وَمَغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ } عطف على الصنف المحذوف ، أو مبتدأ خبره محذوف أي لهم مغفرة . { كَمَنْ هُوَ خَـٰلِدٌ فِى ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَاءً حَمِيماً } مكان تلك الأشربة . { فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ } من فرط الحرارة .