Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 6-10)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا أَفَاء ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ } وما أعاده عليه بمعنى صيره له أورده عليه ، فإنه كان حقيقاً بأن يكون له لأنه تعالى خلق الناس لعبادته وخلق ما خلق لهم ليتوسلوا به إلى طاعته فهو جدير بأن يكون للمطيعين . { مِنْهُمْ } من بني النضير أو من الكفرة . { فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ } فما أجريتم على تحصيله من الوجيف وهو سرعة السير . { مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ } ما يركب من الإِبل غلب فيه كما غلب الراكب على راكبه ، وذلك إن كان المراد فيءُ بني النضير ، فلأن قراهم كانت على ميلين من المدينة فمشوا إليها رجالاً غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه ركب جملاً أو حماراً ، ولم يجر مزيد قتال ولذلك لم يعط الأنصار منه شيئاً إلا ثلاثة كانت بهم حاجة . { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ } بقذف الرعب في قلوبهم . { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } فيفعل ما يريد تارة بالوسائط الظاهرة وتارة بغيرها . { مَّا أَفَاء ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } بيان للأول ولذلك لم يعطف عليه . { فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } اختلف في قسم الفيء ، فقيل يسدس لظاهر الآية ويصرف سهم الله في عمارة الكعبة وسائر المساجد ، وقيل يخمس لأن ذكر الله للتعظيم ويصرف الآن سهم الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الإِمام على قول وإلى العساكر والثغور على قول وإلى مصالح المسلمين على قول . وقيل يخمس خمسه كالغنيمة فإنه عليه الصلاة والسلام كان يقسم الخمس كذلك ويصرف الأخماس الأربعة كما يشاء والآن على الخلاف المذكور . { كَيْلاَ يَكُونَ } أي الفيء الذي حقه أن يكون للفقراء . وقرأ هشام في رواية بالتاء . { دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ } الدولة ما يتداوله الأغنياء ويدور بينهم كما كان في الجاهلية ، وقرىء { دُولَةً } بمعنى كيلا يكون الفيء ذا تداول بينهم أو أخذه غلبة تكون بينهم ، وقرأ هشام « دُولَةً » بالرفع على كان التامة أي كيلا يقع دولة جاهلية . { وَمَا ءاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ } وما أعطاكم من الفيء أو من الأمر . { فَخُذُوهُ } لأنه حلال لكم ، أو فتمسكوا به لأنه واجب الطاعة . { وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ } عن أخذه منه ، أو عن إتيانه . { فَٱنتَهُواْ } عنه . { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في مخالفة رسوله . { إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } لمن خالفه . { لِلْفُقَرَاء الْمُهَـٰجِرِينَ } بدل من { ذَا ٱلْقُرْبَىٰ } و { مَا } عطف عليه فإن { ٱلرَّسُولَ } لا يسمى فقيراً ، ومن أعطى أغنياء ذوي القربى خصص الإبدال بما بعده ، والفيء بفيء بني النضير . { الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأَمْوٰلِهِمْ } فإن كفار مكة أخرجوهم وأخذوا أموالهم . { يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً } حال مقيدة لإخراجهم بما يوجب تفخيم شأنهم . { وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } بأنفسهم وأموالهم . { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ } في إيمانهم . { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءوا ٱلدَّارَ وَٱلإيمَـٰنَ } عطف على المهاجرين ، والمراد بهم الأنصار الذين ظهر صدقهم فإنهم لزموا المدينة والإِيمان وتمكنوا فيهما ، وقيل المعنى تبوءوا دار الهجرة ودار الإِيمان فحذف المضاف من الثاني والمضاف إليه من الأول وعوض عنه اللام ، أو تبوءوا الدار وأخلصوا الإِيمان كقوله : @ عَلَفْتُهَا تِبْناً وَمَاءٌ بَارِداً @@ وقيل سمى المدينة بالإِيمان لأنها مظهره ومصيره . { مِن قَبْلِهِمُ } من قبل هجرة المهاجرين . وقيل تقدير الكلام والذين تبوءوا الدار من قبلهم والإِيمان . { يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ } ولا يثقل عليهم . { وَلاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ } في أنفسهم . { حَاجَةً } ما تحمل عليه الحاجة كالطلب والحزازة والحسد والغيظ . { مّمَّا أُوتُواْ } مما أعطي المهاجرون من الفيء وغيره . { وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } ويقدمون المهاجرين على أنفسهم حتى إن كان عنده امرأتان نزل عن واحدة وزوجها من أحدهم . { وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } حاجة من خصاص البناء وهي فرجه . { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ } حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حب المال وبغض الإِنفاق . { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } الفائزون بالثناء العاجل والثواب الآجل . { وَٱلَّذِينَ جَاؤُوا مّن بَعْدِهِمْ } هم الذين هاجروا حين قوي الإِسلام ، أو التابعون بإحسان وهم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة ولذلك قيل : إن الآية قد استوعبت جميع المؤمنين . { يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإَيمَـٰنِ } أي لإِخواننا في الدين . { وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لّلَّذِينَ ءَامَنُواْ } حقداً لهم . { رَبَّنَا إِنَّكَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ } فحقيق بأن تجيب دعاءنا .