Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 113-120)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ } عطف على { غُرُوراً } إن جعل علة ، أو متعلق بمحذوف أي وليكون ذلك { جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً } . والمعتزلة لما اضطروا فيه قالوا : اللام لام العاقبة أو لام القسم كسرت لما لم يؤكد الفعل بالنون أو لام الأمر وضعفه أظهر ، والصغو : الميل والضمير لما له الضمير في فعلوه . { وَلِيَرْضَوْهُ } لأنفسهم . { وَلِيَقْتَرِفُواْ } وليكتسبوا . { مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ } من الآثام . { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِى حَكَماً } على إرادة القول أي : قل لهم يا محمد أفغير الله أطلب من يحكم بيني وبينكم ويفصل المحق منا من المبطل ، و « غير » مفعول { أَبْتَغِى } و { حُكْمًا } حال منه ويحتمل عكسه ، و { حُكْمًا } أبلغ من حاكم ولذلك لا يوصف به غير العادل . { وَهُوَ ٱلَّذِى أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } القرآن المعجز . { مُفَصَّلاً } مبيناً فيه الحق والباطل بحيث ينفي التخليط والالتباس . وفيه تنبيه على أن القرآن بإعجازه وتقريره مغنٍ عن سائر الآيات . { وَٱلَّذِينَ ءاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مّن رَّبّكَ بِٱلْحَقّ } تأييد لدلالة الإِعجاز على أن القرآن حق منزل من عند الله سبحانه وتعالى ، يعلم أهل الكتاب به لتصديقه ما عندهم مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يمارس كتبهم ولم يخالط علماءهم ، وإنما وصف جميعهم بالعلم لأن أكثرهم يعلمون ومن لم يعلم فهو متمكن منه بأدنى تأمل . وقيل المراد مؤمنو أهل الكتاب . وقرأ ابن عامر وحفص عن عاصم { مُنَزَّلٌ } بالتشديد . { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } في أنهم يعلمون ذلك ، أو في أنه منزل لجحود أكثرهم وكفرهم به ، فيكون من باب التهييج كقوله تعالى : { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } [ الأنعام : 14 ] أو خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم لخطاب الأمة . وقيل الخطاب لكل أحد على معنى أن الأَدلة لما تعاضدت على صحته فلا ينبغي لأحد أن يمتري فيه . { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ } بلغت الغاية أخباره وأحكامه ومواعيده . { صِدْقاً } في الأخبار والمواعيد . { وَعَدْلاً } في الأقضية والأحكام ونصبهما يحتمل التمييز والحال والمفعول له . { لاَ مُبَدّلَ لِكَلِمَـٰتِهِ } لا أحد يبدل شيئاً منها بما هو أصدق وأعدل ، أو لا أحد يقدر أن يحرفها شائعاً ذائعاً كما فعل بالتوراة على أن المراد بها القرآن ، فيكون ضماناً لها من الله سبحانه وتعالى بالحفظ كقوله : { وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ } [ يوسف : 12 ] أو لا نبي ولا كتاب بعدها ينسخها ويبدل أحكامها . وقرأ الكوفيون ويعقوب { كلمة ربك } أي ما تكلم به أو القرآن . { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ } لما يقولون . { ٱلْعَلِيمُ } بما يضمرون فلا يهملهم . { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلأَرْضِ } أي أكثر الناس يريد الكفار ، أو الجهال أو أتباع الهوى . وقيل الأرض أرض مكة . { يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } عن الطريق الموصل إليه ، فإن الضال في غالب الأمر لا يأمر إلا بما فيه ضلال . { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } وهو ظنهم أن آباءهم كانوا على الحق ، أو جهالاتهم وآراؤهم الفاسدة فإن الظن يطلق على ما يقابل العلم . { وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } يكذبون على الله سبحانه وتعالى فيما ينسبون إليه كاتخاذ الولد وجعل عبادة الأوثان وصلة إليه ، وتحليل الميتة وتحريم البحائر ، أو يقدرون أنهم على شيء وحقيقته ما يقال عن ظن وتخمين . { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } أي أعلم بالفريقين ، و { مِنْ } موصولة أو موصوفة في محل النصب بفعل دل عليه أعلم لا به فإن أفعل لا ينصب الظاهر في مثل ذلك ، أو استفهامية مرفوعة بالابتداء والخبر { يُضِلَّ } والجملة معلق عنها الفعل المقدر . وقرىء { مَن يَضِلُّ } أي يضله الله ، فتكون من منصوبة بالفعل المقدر أو مجرورة بإضافة أعلم إليه أي : أعلم المضلين من قوله تعالى : { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } [ الأعراف : 186 ] أو من أضللته إذا وجدته ضالاً ، والتفضيل في العلم بكثرته وإحاطته بالوجوه التي يمكن تعلق العلـم بها ولزومه وكونه بالذات لا بالغير . { فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } مسبب عن إنكار اتباع المضلين الذين يحرمون الحلال ويحللون الحرام ، والمعنى كلوا مما ذكر اسم الله على ذبحه لا مما ذكر عليه اسم غيره أو مات حتف أنفه . { إِن كُنتُم بِآيَـٰتِهِ مُؤْمِنِينَ } فإن الإِيمان بها يقتضي استباحة ما أحله الله سبحانه وتعالى واجتناب ما حرمه . { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } وأي غرض لكم في أن تتحرجوا عن أكله وما يمنعكم عنه . { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } مما لم يحرم بقوله : { حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ } [ المائدة : 3 ] وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر { فَصْلٌ } على البناء للمفعول ، ونافع ويعقوب وحفص { حَرَّمَ } على البناء للفاعل . { إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } مما حرم عليكم فإنه أيضاً حلال حال الضرورة . { وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ } بتحليل الحرام وتحريم الحلال . قرأ الكوفيون بضم الياء والباقون بالفتح . { بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ } بتشبيههم من غير تعلق بدليل يفيد العلم . { إِنَّ رَّبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ } بالمجاوزين الحق إلى الباطل والحلال إلى الحرام . { وَذَرُواْ ظَـٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ } ما يعلن وما يسر ، أو ما بالجوارح وما بالقلب . وقيل الزنا في الحوانيت واتخاذ الأخدان . { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ } يكتسبون .