Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 12-20)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُل لّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } خلقاً وملكاً ، وهو سؤال تبكيت . { قُل لِلَّهِ } تقريراً لهم وتنبيهاً على أنه المتعين للجواب بالإِنفاق ، بحيث لا يمكنهم أن يذكروا غيره . { كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } التزمها تفضلاً وإحساناً والمراد بالرحمة ما يعم الدارين ومن ذلك الهداية إلى معرفته ، والعلم بتوحيده بنصب الأدلة ، وإنزال الكتب والإِمهال على الكفر . { لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } استئناف وقسم للوعيد على إشراكهم وإغفالهم النظر أي : ليجمعنكم في القبور مبعوثين إلى يوم القيامة ، فيجازيكم على شرككم . أو في يوم القيامة وإلى بمعنى في . وقيل بدل من الرحمة بدل البعض فإنه من رحمته بعثه إياكم وإنعامه عليكم . { لاَ رَيْبَ فِيهِ } في اليوم أو الجمع . { ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم } بتضييع رأس مالهم . وهو الفطرة الأصلية والعقل السليم ، وموضع الذين نصب على الذم أو رفع على الخبر أي : وأنتم الذين أو على الابتداء والخبر . { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } والفاء للدلالة على أن عدم إيمانهم مسبب عن خسرانهم ، فإن إبطال العقل باتباع الحواس والوهم والانهماك في التقليد وإغفال النظر أدى بهم إلى الاصرار على الكفر والامتناع من الإِيمان { وَلَهُ } عطف على لله . { مَا سَكَنَ فِى ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } من السكنى وتعديته بفي كما في قوله تعالى : { وَسَكَنتُمْ فِى مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } [ إبراهيم : 45 ] والمعنى ما اشتملا عليه ، أو من السكون أي ما سكن فيهما وتحرك فاكتفى بأحد الضدين عن الآخر . { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ } لكل مسموع . { ٱلْعَلِيمُ } بكل معلوم فلا يخفى عليه شيء ، ويجوز أن يكون وعيداً للمشركين على أقوالهم وأفعالهم . { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً } إنكار لاتخاذ غير الله ولياً لا لاتخاذ الولي . فلذلك قدم وأولى الهمزة والمراد بالولي المعبود لأنه رد لمن دعاه إلى الشرك . { فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } مبدعهما ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ما عرفت معنى الفاطر حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما ، أنا فطرتها أي ابتدأتها . وجره على الصفة لله فإنه بمعنى الماضي ولذلك قرىء « فطر » وقرىء بالرفع والنصب على المدح . { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } يَرزق ولا يُرزق ، وتخصيص الطعام لشدة الحاجة إليه . وقرىء ولا يطعم بفتح الياء وبعكس الأول على أن الضمير لغير الله ، والمعنى كيف أشرك بمن هو فاطر السموات والأرض ما هو نازل عن رتبة الحيوانية ، وببنائهما لفاعل على أن الثاني من أنعم بمعنى استطعم ، أو على معنى أنه يطعم تارة ولا يطعم أخرى كقوله : { يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ } [ البقرة : 245 ] . { قُلْ إِنّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ } لأن النبي صلى الله عليه وسلم سابق أمته في الدين . { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } وقيل لي ولا تكونَنَّ ، ويجوز عطفه على قل . { قُلْ إِنّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } مبالغة أخرى في قطع أطماعهم ، وتعريض لهم بأنهم عصاة مستوجبون للعذاب ، والشرط معترض بين الفعل والمفعول به وجوابه محذوف دل عليه الجملة . { مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ } أي بصرف العذاب عنه . وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وأبو بكر عن عاصم { يُصْرَفْ } عَلَى أن الضمير فيه لله سبحانه وتعالى . وقد قرىء بإظهاره والمفعول به محذوف ، أو يومئذ بحذف المضاف . { فَقَدْ رَحِمَهُ } نجاه وأنعم عليه . { وَذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } أي الصرف أو الرحمة . { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرّ } ببلية كمرض وفقر . { فَلاَ كَـٰشِفَ لَهُ } فلا قادر على كشفه . { إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ } بنعمة كصحة وغنى . { فَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدُيرٌ } فكان قادراً على حفظه وإدامته فلا يقدر غيره على دفعه كقوله تعالى : { فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ } [ يونس : 107 ] { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } تصوير لقهره وعلوه بالغلبة والقدرة . { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ } في أمره وتدبيره . { ٱلْخَبِيرُ } بالعباد وخفايا أحوالهم . { قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شَهَـٰدةً } نزلت حين قالت قريش : يا محمد لقد سألنا عنك اليهود والنصارى ، فزعموا أن ليس لك عندهم ذكر ولا صفة فأرنا من يشهد لك أنك رسول الله . والشيء يقع على كل موجود ، وقد سبق القول فيه في سورة « البقرة » . { قُلِ ٱللَّهُ } أي الله أكبر شهادة ثم ابتدأ { شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } أي هو شهيد بيني وبينكم ، ويجوز أن يكون الله شهيد هو الجواب لأنه سبحانه وتعالى إذا كان الشهيد كان أكبر شيء شهادة . { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرْآنُ لأُنذركم بِهِ } أي بالقرآن ، واكتفى بذكر الإِنذار عن ذكر البشارة . { وَمَن بَلَغَ } عطف على ضمير المخاطبين ، أي لأنذركم به يا أهل مكة وسائر من بلغه من الأسود والأحمر ، أو من الثقلين ، أو لأنذركم به أيها الموجودون ومن بلغه إلى يوم القيامة ، وفيه دليل على أن أحكام القرآن تعم الموجودين وقت نزوله ومن بعدهم ، وأنه لا يؤاخذ بها من لم تبلغه . { أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرَى } تقرير لهم مع إنكار واستبعاد . { قُل لاَّ أَشْهَدُ } بما تشهدون . { قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وٰحِدٌ } أي بل أشهد أن لا إله إلا هو . { وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مّمَّا تُشْرِكُونَ } يعني الأصنام . { ٱلَّذِينَ آتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَعْرِفُونَهُ } يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بحليته المذكورة في التوراة والإِنجيل . { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ } بحلاهم . { ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم } من أهل الكتاب والمشركين . { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } لتضييعهم ما به يكتسب الإِيمان .