Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 134-140)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّمَا تُوعَدُونَ } من البعث وأحواله . { لأَتٍ } لكائن لا محالة . { وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } طالبكم به . { قُلْ يٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } على غاية تمكنكم واستطاعتكم يقال مكن مكانة إذا تمكن أبلغ التمكن ، أو على ناحيتكم وجهتكم التي أنتم عليها من قولهم مكان ومكانة كمقام ومقامة . وقرأ أبو بكر عن عاصم « مكاناتكم » بالجمع في كل القرآن وهو أمر تهديد ، والمعنى : اثبتوا على كفركم وعداوتكم . { إِنّى عَـٰمِلٌ } ما كنت عليه من المصابرة والثبات على الإسلام ، والتهديد بصيغة الأمر مبالغة في الوعيد كأن المهدد يريد تعذيبه مجمعاً عليه فيحمله بالأمر على ما يفضي به ، إليه ، وتسجيل بأن المهدد لا يتأتى منه إلا الشر كالمأمور به الذي لا يقدر أن ينقضي عنه . { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَـٰقِبَةُ ٱلدَّارِ } إن جعل { مِنْ } استفهامية بمعنى أينا تكون له عاقبة الدار الحسنى التي خلق الله لها هذه الدار ، فمحلها الرفع وفعل العلم معلق عنه وإن جعلت خبرية فالنصب بـ { تَعْلَمُونَ } أي فسوف تعرفون الذي تكون له عاقبة الدار ، وفيه مع الإِنذار إنصاف في المقال وحسن الأدب ، وتنبيه على وثوق المنذر بأنه محق . وقرأ حمزة والكسائي « يكون » بالياء لأن تأنيث العاقبة غير حقيقي . { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } وضع الظالمين موضع الكافرين لأنه أعم وأكثر فائدة . { وَجَعَلُواْ } أي مشركوا العرب . { لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ } خلق . { مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى ٱللَّهِ وَمَا كَانَ } روي : أنهم كانوا يعينون شيئاً ؟ من حرث ونتائج لله ويصرفونه إلى الضيفان والمساكين ، وشيئاً منهما لآلهتهم وينفقونه على سدنتها ويذبحونه عندها ، ثم إن رأوا ما عينوا لله أزكى بدلوه بما لآلهتهم وإن رأوا ما لآلهتهم أزكى تركوه لها حباً لآلهتهم . وفي قوله { مِمَّا ذَرَأَ } تنبيه على فرط جهالتهم فإنهم أشركوا الخالق في خلقه جماداً لا يقدر على شيء ، ثم رجحوه عليه بأن جعلوا الزاكي له ، وفي قوله { بِزَعْمِهِمْ } تنبيه على أن ذلك مما اخترعوه لم يأمرهم الله به . وقرأ الكسائي بالضم في الموضعين وهو لغة فيه وقد جاء فيه الكسر أيضاً كالود والود . { سَاء مَا يَحْكُمُونَ } حكمهم هذا . { وَكَذٰلِكَ } ومثل ذلك للتزيين في قسمة القربان . { زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَـٰدِهِمْ } بالوأد ونحرهم لآلهتهم . { شُرَكَاؤُهُمْ } من الجن أو من السدنة ، وهو فاعل { زُيّنَ } . وقرأ ابن عامر { زُيّنَ } على البناء للمفعول الذي هو القتل ونصب الأولاد وجر الشركاء بإضافة القتل إليه مفصولاً بينهما بمفعوله وهو ضعيف في العربية معدود من ضرورات الشعر كقوله : @ فَزَجَجْتُهَا بِمَزَجَة زَجَّ القلوصِ أَبِي مُزَادَه @@ وقرىء بالبناء للمفعول وجر أولادهم ورفع شركاؤهم بإضمار فعل دل عليه { زُيّنَ } . { لِيُرْدُوهُمْ } ليهلكوهم بالإِغواء . { وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ } وليخلطوا عليهم ما كانوا عليه من دين اسماعيل ، أو ما وجب عليهم أن يتدينوا به واللام للتعليل إن كان التزيين من الشياطين والعاقبة إن كان من السدنة . { وَلَوْ شَاء ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ } ما فعل المشركون ما زين لهم ، أو الشركاء التزيين أو الفريقان جميع ذلك . { فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } افتراءهم أو ما يفترونه من الإِفك . { وَقَالُواْ هَـٰذِهِ } إشارة إلى ما جعل لآلهتهم . { أَنْعَـٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } حرام فعل بمعنى مفعول ، كالذبح يستوي فيه الواحد والكثير والذكر والأنثى . وقرىء { حِجْرٍ } بالضم وحرج أي مضيق . { لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نَّشَاء } يعنون خدم الأوثان والرجال دون النساء . { بِزَعْمِهِمْ } من غير حجة . { وَأَنْعَـٰمٌ حُرّمَتْ ظُهُورُهَا } يعني البحائر والسوائب والحوامي . { وَأَنْعَـٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا } في الذبح وإنما يذكرون أسماء الأصنام عليها ، وقيل لا يحجون على ظهورها . { ٱفْتِرَاء عَلَيْهِ } نصب على المصدر لأن ما قالوا تقول على الله سبحانه وتعالى ، والجار متعلق بـ { قَالُواْ } أو بمحذوف هو صفة له أو على الحال ، أو على المفعول له والجار متعلق به أو بالمحذوف . { سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } بسببه أو بدله . { وَقَالُواْ مَا فِى بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَـٰمِ } يعنون أجنة البحائر والسوائب . { خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوٰجِنَا } حلال للذكور خاصة دون الإِناث إن ولد حيًا لقوله : { وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء } فالذكور والإِناث فيه سواء وتأنيث الخالصة للمعنى فإن ما في معنى الأجنة ولذلك وافق عاصم في رواية أبي بكر بن عامر في تكن بالتاء ، وخالفه هو وابن كثير في { مَيْتَةً } فنصب كغيرهم ، أو التاء فيه للمبالغة كما في رواية الشعر أو هو مصدر كالعافية وقع موقع الخالص . وقرىء بالنصب على أنه مصدر مؤكد والخبر { لِّذُكُورِنَا } ، أو حال من الضمير الذي في الظرف لا من الذي في ذكورنا ولا من الذكور لأنها لا تتقدم على العامل المعنوي ولا على صاحبها المجرور . وقرىء « خالصن » بالرفع والنصب و { خَالِصَةٌ } بالرفع والإِضافة إلى الضمير على أنه بدل من ها أو مبتدأ ثان والمراد به ما كان حياً ، والتذكير في فيه لأن المراد بالميتة ما يعم الذكر والأنثى فغلب الذكر . { سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ } أي جزاء وصفهم الكذب على الله سبحانه وتعالى في التحريم والتحليل من قوله : { وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ } [ النحل : 62 ] { إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } . { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلَـٰدَهُمْ } يريد بهم العرب الذين كانوا يقتلون بناتهم مخافة السبي والفقر . وقرأ ابن كثير وابن عامر { قَـٰتِلُواْ } بالتشديد بمعنى التكثير . { سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ } لخفة عقلهم وجهلهم بأن الله سبحانه وتعالى رازق أولادهم لا هم ، ويجوز نصبه على الحال أو المصدر . { وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ } من البحائر ونحوها . { ٱفْتِرَاء عَلَى ٱللَّهِ } يحتمل الوجوه المذكورة في مثله . { قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } إلى الحق والصواب .