Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 87-92)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمِنْ ءابَائِهِمْ وَذُرّيَّـٰتِهِمْ وَإِخْوٰنِهِمْ } عطف على { كَلاَّ } أو { نُوحاً } أي فضلنا كلاً منهم ، أو هدينا هؤلاء وبعض آبائهم وذرياتهم وإخوانهم فإن منهم من لم يكن نبياً ولا مهدياً . { وَٱجْتَبَيْنَـٰهُمْ } عطف على { فَضَّلْنَا } أو { هَدَيْنَا } . { وَهَدَيْنَـٰهُمْ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } تكرير لبيان ما هدوا إليه . { ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ } إشارة إلى ما دانوا به . { يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } دليل على أنه متفضل عليهم بالهداية . { وَلَوْ أَشْرَكُواْ } أي ولو أشرك هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع فضلهم وعلو شأنهم . { لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } لكانوا كغيرهم في حبوط أعمالهم بسقوط ثوابها . { أُوْلَـٰئكَ ٱلَّذِينَ ءاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } يريد به الجنس . { وَٱلْحُكْمَ } الحكمة أو فصل الأمر على ما يقتضيه الحق . { وَٱلنُّبُوَّةَ } والرسالة . { فَإِن يَكْفُرْ بِهَا } أي بهذه الثلاثة . { هَـؤُلاء } يعني قريشاً . { فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا } أي بمراعاتها . { قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَـٰفِرِينَ } وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام المذكورون ومتابعوهم . وقيل هم الأنصار أو أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أو كل من آمن به أو الفرس . وقيل الملائكة . { أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ } يريد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام المتقدم ذكرهم . { فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ } فاختص طريقهم بالاقتداء والمراد بهداهم ما توافقوا عليه من التوحيد وأصول الدين دون الفروع المختلف فيها ، فإنها ليست هدى مضافاً إلى الكل ولا يمكن التأسي بهم جميعاً . فليس فيه دليل على أنه عليه الصلاة والسلام متعبد بشرع من قبله ، والهاء في { ٱقْتَدِهْ } للوقف ومن أثبتها في الدرج ساكنة كابن كثير ونافع وأبي عمرو وعاصم أجرى الوصل مجرى الوقف ، ويحذف الهاء في الوصل خاصة حمزة والكسائي وأشبعها بالكسر ابن عامر برواية ابن ذكوان على أنها كناية المصدر وكسرها بغير إشباع برواية هشام . { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي على التبليغ أو القرآن . { أَجْراً } جعلاً من جهتكم كما لم يسأل من قبلي من النبيين ، وهذا من جملة ما أمر بالاقتداء بهم فيه . { إِنْ هُوَ } أي التبليغ أو القرآن أو الغرض . { إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَـٰلَمِينَ } إلا تذكيراً وموعظة لهم . { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } وما عرفوه حق معرفته في الرحمة والإِنعام على العباد . { إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مّن شَىْء } حين أنكروا الوحي وبعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وذلك من عظائم رحمته وجلائل نعمته أو في السخط على الكفار وشدة البطش بهم حين جسروا على هذه المقالة ، والقائلون هم اليهود قالوا ذلك مبالغة في إنكار إنزال القرآن بدليل نقض كلامهم ، وإلزامهم بقوله : { قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَـٰبَ ٱلَّذِى جَاء بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لّلنَّاسِ } وقراءة الجمهور { تَجْعَلُونَهُ قَرٰطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } بالتاء وإنما قرأ بالياء ابن كثير وأبو عمرو حملاً على قالوا وما قدروا ، وتضمن ذلك توبيخهم على سوء جهلهم بالتوراة وذمهم على تجزئتها بإبداء بعض انتخبوه وكتبوه في ورقات متفرقة وإخفاء بعض لا يشتهونه . وروي " أن مالك بن الصيف قاله لما أغضبه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى هل تجد فيها أن الله يبغض الحبر السمين قال : نعم إن الله يبغض الحبر السمين ، قال عليه الصلاة والسلام : فأنت الحبر السمين " وقيل هم المشركون وإلزامهم بإنزال التوراة لأنه كان من المشهورات الذائعة عندهم ولذلك كانوا يقولون { لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْكِتَـٰبُ لَكُنَّا أهدى مِنْهُمْ } [ الأنعام : 157 ] { وَعُلّمْتُمْ } على لسان محمد صلى الله عليه وسلم . { مَا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ ءابَاؤُكُمْ } زيادة على ما في التوراة وبياناً لما التبس عليكم وعلى آبائكم الذين كانوا أعلم منكم ونظيره { إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ أَكْثَرَ ٱلَّذِى هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [ النمل : 76 ] وقيل الخطاب لمن آمن من قريش { قُلِ ٱللَّهُ } أي أنزله الله ، أو الله أنزله . أمره بأن يجيب عنهم إشعاراً بأن الجواب متعين لا يمكن غيره ، وتنبيهاً على أنهم بهتوا بحيث إنهم لا يقدرون على الجواب . { ثُمَّ ذَرْهُمْ فِى خَوْضِهِمْ } في أباطيلهم فلا عليك بعد التبليغ وإلزام الحجة . { يَلْعَبُونَ } حال من هم الأول ، والظرف صلة ذرهم أو يلعبون أو حال منهم الأول ، والظرف صلة ذرهم أو يلعبون أو حال من مفعوله ، أو فاعل يلعبون أو من هم الثاني والظرف متصل بالأول . { وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ } كثير الفائدة والنفع . { مُّصَدّقُ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } يعني التوراة أو الكتب التي قبله . { وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } عطف على ما دل عليه مبارك أي للبركات ولتنذر أو علة لمحذوف أي ولتنذر أهل أم القرى أنزلناه ، وإنما سميت مكة بذلك لأنها قبلة أهل القرى ومحجهم ومجتمعهم وأعظم القرى شأناً . وقيل لأن الأرض دحيت من تحتها ، أو لأنها مكان أول بيت وضع للناس . وقرأ أبو بكر عن عاصم بالياء « وليندز » الكتاب . { وَمَنْ حَوْلَهَا } أهل الشرق والغرب . { وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } فإن من صدق بالآخرة خاف العاقبة ولا يزال الخوف يحمله على النظر والتدبر حتى يؤمن بالنبي والكتاب ، والضمير يحتملهما ويحافظ على الطاعة وتخصيص الصلاة لأنها عماد الدين وعلم الإِيمان .