Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 1-5)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مدنية وآيها اثنتا عشرة آية بسم الله الرحمن الرحيم { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } " روي أنه عليه الصلاة والسلام خلا بمارية في نوبة عائشة رضي الله تعالى عنها أو حفصة ، فاطلعت على ذلك حفصة فعاتبته فيه فحرم مارية فنزلت . وقيل شرب عسلاً عند حفصة ، فواطأت عائشة سودة وصفية فقلن له إنا نشمُّ منك ريح المعافير فحرم العسل فنزلت " . { تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَجِكَ } تفسير لـ { تُحَرّمُ } أو حال من فاعله أو استئناف لبيان الداعي إليه . { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } لك هذه الزلة فإنه لا يجوز تحريم ما أحله الله . { رَّحِيمٌ } رحمك حيث لم يؤاخذك به وعاتبك محاماة على عصمتك . { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـٰنِكُمْ } قد شرع لكم تحليلها وهو حل ما عقَّدتهُ بالكفارة ، أو الاستثناء فيها بالمشيئة حتى لا تحنث من قولهم : حلل في يمينه إذا استثنى فيها ، واحتج بها من رأى التحريم مطلقاً أو تحريم المرأة يميناً ، وهو ضعيف إذ لا يلزم من وجوب كفارة اليمين فيه كونه يميناً مع احتمال أنه عليه الصلاة والسلام أتى بلفظ اليمين كما قيل { وَٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ } متولي أمركم { وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ } بما يصلحكم { ٱلْحَكِيمُ } المتقن في أفعاله وأحكامه { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِىُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوٰجِهِ } يعني حفصة { حَدِيثاً } تحريم مارية أو العسل أو أن الخلافة بعده لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما { فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ } أي فلما أخبرت حفصة عائشة رضي الله تعالى عنهما بالحديث { وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } واطلع النبي عليه الصلاة والسلام على الحديث أي على إفشائه . { عَرَّفَ بَعْضَهُ } عرف الرسول صلى الله عليه وسلم حفصة بعض ما فعلت . { وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } عن أعلام بعض تكرماً أو جازاها على بعض بتطليقه إياها وتجاوز عن بعض ، ويؤيده قراءة الكسائي بالتخفيف فإنه لا يحتمل ههنا غيره لكن المشدد من باب إطلاق اسم المسبب على السبب والمخفف بالعكس ، ويؤيد الأول قوله : { فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِىَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } فإنه أوفق للإِسلام . { إِن تَتُوبَا إِلَى ٱللَّهِ } خطاب لحفصة وعائشة على الالتفات للمبالغة في المعاتبة . { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } فقد وجد منكما ما يوجب التوبة ، وهو ميل قلوبكما عن الواجب من مخالصة رسول الله عليه الصلاة والسلام بحب ما يحبه وكراهة ما يكرهه . { وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } وإن تتظاهرا عليه بما يسؤوه ، وقرأ الكوفيون بالتخفيف . { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَـٰهُ وَجِبْرِيلُ وَصَـٰلِحُ الْمُؤْمِنِينَ } فلن يعدم من يظاهره من الله والملائكة وصلحاء المؤمنين ، فإن الله ناصره وجبريل رئيس الكروبيين قرينه ، ومن صلح من المؤمنين أتباعه وأعوانه . { وَالْمَلَـئِكَةُ بَعْدَ ذٰلِكَ ظَهِيرٌ } متظاهرون ، وتخصيص جبريل عليه السلام لتعظيمه ، والمراد بالصالح الجنس ولذلك عمم بالإِضافة وبقوله بعد ذلك تعظيم لمظاهرة الملائكة من جملة ما ينصره الله تعالى به . { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوٰجاً خَيْراً مّنكُنَّ } على التغليب ، أو تعميم الخطاب ، وليس فيه ما يدل على أنه لم يطلق حفصة وأن في النساء خيراً منهن لأن تعليق طلاق الكل لا ينافي تطليق واحدة والمعلق بما لم يقع لا يجب وقوعه ، وقرأ نافع وأبو عمرو { يُبْدِلَهُ } بالتخفيف . { مُسْلِمَـٰتٍ مُّؤْمِنَـٰتٍ } مقرات مخلصات أو منقادات مصدقات . { قَـٰنِتَـٰتٍ } مصليات أو مواظبات على الطاعات . { تَـٰئِبَـٰتٍ } عن الذنوب . { عَـٰبِدٰتٍ } متعبدات أو متذللات لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام . { سَـٰئِحَـٰتٍ } صائمات سمي الصائم سائحاً لأنه يسبح بالنهار بلا زاد ، أو مهاجرات . { ثَيّبَـٰتٍ وَأَبْكَاراً } وسط العاطف بينهما لتنافيهما ولأنهما في حكم صفة واحدة إذ المعنى مشتملات على الثبيات والأبكار .