Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 155-160)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } أي من قومه فحذف الجار وأوصل الفعل إليه { سَبْعِينَ رَجُلاً لّمِيقَـٰتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } روي أنه تعالى أمره أن يأتيه في سبعين من بني إسرائيل ، فاختار من كل سبط ستة فزاد اثنان فقال : ليتخلف منكم رجلان فتشاجروا فقال : إن لمن قعد أجر من خرج ، فقعد كالب ويوشع وذهب مع الباقين ، فلما دنوا من الجبل غشيه غمام فدخل موسى بهم الغمام وخروا سجداً ، فسمعوه تعالى يكلم موسى يأمره وينهاه ، ثم انكشف الغمام فأقبلوا إليه وقالوا : { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً } [ البقرة : 55 ] فأخذتهم الرجفة أي الصاعقة ، أو رجفة الجبل فصعقوا منها . { قَالَ رَبّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مّن قَبْلُ وَإِيَّـٰىَ } تمنى هلاكهم وهلاكه ، قبل أن يرى ما رأى أو بسبب آخر ، أو عنى به أنك قدرت على إهلاكهم قبل ذلك بحمل فرعون على إهلاكهم وبإغراقهم في البحر وغيرهما فترحمت عليهم بالانقاذ منها فإن ترحمت عليهم مرة أخرى لم يبعد من عميم إحسانك . { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَاء مِنَّا } من العناد والتجاسر على طلب الرؤية ، وكان ذلك قاله بعضهم . وقيل المراد بما فعل السفهاء عبادة العجل ، والسبعون اختارهم موسى لميقات التوبة عنها فغشيتهم هيبة قلقوا منها ورجفوا حتى كادت تبين مفاصلهم ، وأشرفوا على الهلاك فخاف عليهم موسى فبكى ودعا فكشفها الله عنهم . { إِنْ هِىَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ } ابتلاؤك حين أسمعتهم كلامك حتى طمعوا في الرؤية ، أو أوجدت في العجل خواراً فزاغوا به . { تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء } ضلاله بالتجاوز عن حده أو باتباع المخايل . { وَتَهْدِى مَن تَشَاء } هداه فيقوى بها إيمانه . { أَنتَ وَلِيُّنَا } القائم بأمرنا . { فَٱغْفِرْ لَنَا } بمغفرة ما قارفنا . { وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَـٰفِرِينَ } تغفر السيئة وتبدلها بالحسنة . { وَٱكْتُبْ لَنَا فِى هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } حسن معيشة وتوفيق طاعة . { وَفِي ٱلاْخِرَةِ } الجنة . { إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ } تبنا إليك من هاد يهود إذا رجع . وقرىء بالكسر من هاده يهيده إذا أماله ، ويحتمل أن يكون مبنياً للفاعل وللمفعول بمعنى أملنا أنفسنا وأملنا إليك ، ويجوز أن يكون المضموم أيضاً مبنياً للمفعول منه على لغة من يقول عود المريض . { قَالَ عَذَابِى أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء } تعذيبه . { وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْء } في الدنيا المؤمن والكافر بل المكلف وغيره . { فَسَأَكْتُبُهَا } فسأثبتها في الآخرة ، أو فسأكتبها كتبة خاصة منكم يا بني إسرائيل . { لّلَّذِينَ يَتَّقُونَ } الكفر والمعاصي . { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـوٰةَ } خصها بالذكر لإنافتها ولأنها كانت أشق عليهم . { وَٱلَّذِينَ هُم بِـئَايَـٰتِنَا يُؤْمِنُونَ } فلا يكفرون بشيء منها . { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ } مبتدأ خبره يأمرهم ، أو خبر مبتدأ تقديره هم الذين ، أو بدل من الذين يتقون بدل البعض أو الكل ، والمراد من آمن منهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وإنما سماه رسولاً بالإِضافة إلى الله تعالى ونبياً بالإِضافة إلى العباد . { ٱلأُمّىّ } الذي لا يكتب ولا يقرأ ، وصفه به تنبيهاً على أن كمال علمه مع حاله إحدى معجزاته . { ٱلَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ } اسماً وصفة . { يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَـٰهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَـٰتِ } مما حرم عليهم كالشحوم . { وَيُحَرّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَٰـئِثَ } كالدم ولحم الخنزير أو كالربا والرشوة . { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلَـٰلَ ٱلَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ } ويخفف عنهم ما كلفوا به من التكاليف الشاقة كتعيين القصاص في العمد والخطأ ، وقطع الأعضاء الخاطئة وقرض موضع النجاسة ، وأصل الإصر الثقل الذي يأصر صاحبه أي يحبسه من الحراك لثقله . وقرأ ابن عامر « آصارهم » . { فَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ } وعظموه بالتقوية . وقرىء بالتخفيف وأصله المنع ومنه التعزير . { وَنَصَرُوهُ } لي . { وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ } أي مع نبوته يعني القرآن ، وإنما سماه نوراً لأنه بإعجازه ظاهر أمره مظهر غيره ، أو لأنه كاشف الحقائق مظهر لها ، ويجوز أن يكون معه متعلقاً باتبعوا أي واتبعوا النور المنزل مع اتباع النبي فيكون إشارة إلى اتباع الكتاب والسنة . { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } الفائزون بالرحمة الأبدية ، ومضمون الآية جواب دعاء موسى صلى الله عليه وسلم . { قُلْ يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ } الخطاب عام ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوثاً إلى كافة الثقلين ، وسائر الرسل إلى أقوامهم . { جَمِيعاً } حال من إليكم . { ٱلَّذِى لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } صفة لله وإن حيل بينهما بما هو متعلق المضاف إليه لأنه كالتقدم عليه ، أو مدح منصوب أو مرفوع ، أو مبتدأ خبره { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } وهو على الوجوه . الأول بيان لما قبله فإن من ملك العالم كان هو الإِله لا غيره وفي : { يُحْيِي وَيُمِيْتُ } مزيد تقرير لاختصاصه بالألوهية . { فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِي الأُمِّي الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ } ما أنزل عليه وعلى سائر الرسل من كتبه ووحيه . وقرىء « وكلمته » على إرادة الجنس أو القرآن ، أو عيسى تعريضًا لليهود وتنبيهاً على أن من لم يؤمن به لم يعتبر إيمانه ، وإنما عدل عن التكلم إلى الغيبة لإجراء هذه الصفات الداعية إلى الإيمان به والاتباع له . { وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } جعل رجاء الاهتداء أثر الأمرين تنبيهاً على أن من صدقه ولم يتابعه بالتزام شرعه فهو يعد في خطط الضلالة . { وَمِن قَوْمِ مُوسَى } يعنى من بني إسرائيل . { أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقّ } يهدون الناس محقين أو بكلمة الحق . { وَبِهِ } بالحق . { يَعْدِلُونَ } بينهم في الحكم والمراد بها الثابتون على الإِيمان القائمون بالحق من أهل زمانه ، أتبع ذكرهم ذكر أضدادهم على ما هو عادة القرآن تنبيهاً على أن تعارض الخير والشر وتزاحم أهل الحق والباطل أمر مستمر . وقيل مؤمنو أهل الكتاب . وقيل قوم وراء الصين رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج فآمنوا به . { وَقَطَّعْنَـٰهُمُ } وصيرناهم قطعاً متميزاً بعضهم عن بعض . { ٱثْنَتَىْ عَشْرَةَ } مفعول ثان لقطع فإنه متضمن معنى صير ، أو حال وتأنيثه للحمل على الأمة أو القطعة . { أَسْبَاطًا } بدل منه ولذلك جمع ، أو تمييز له على أن كل واحد من اثنتي عشرة أسباط فكأنه قيل : اثنتي عشرة قبيلة . وقرىء بكسر الشين وإسكانها . { أُمَمًا } على الأول بدل بعد بدل ، أو نعت أسباط وعلى الثاني بدل من أسباط . { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى إِذِ ٱسْتَسْقَـٰهُ قَوْمُهُ } في التيه . { أَنِ ٱضْرِب بّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنبَجَسَتْ } أي فضرب فانبجست وحذفه للإِيماء على أن موسى صلى الله عليه وسلم لم يتوقف في الامتثال ، وأن ضربه لم يكن مؤثراً يتوقف عليه الفعل في ذاته { مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ } كل سبط . { مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْغَمَـٰمَ } ليقيهم حر الشمس . { وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ } أي وقلنا لهم كلوا . { مِن طَيِّبَـٰتِ مَا رَزَقْنَـٰكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } سبق تفسيره في سورة « البقرة » .