Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 66-73)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ } متمكناً في خفة عقل راسخاً فيها حيث فارقت دين قومك . { وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكَاذِبِينَ } . { قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بي سَفَاهَة وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ } . { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } . { أَوَ عَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِركُمْ } سبق تفسيره . وفي إجابة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الكفرة عن كلماتهم الحمقاء بما أجابوا والإِعراض عن مقابلتهم كمال النصح والشفقة وهضم النفس وحسن المجادلة ، وهكذا ينبغي لكل ناصح ، وفي قوله : { وأنا لكم ناصح أمين } تنبيه على أنهم عرفوه بالأمرين . وقرأ أبو عمرو { أبلغكم } في الموضعين في هذه السورة وفي « الأحقاف » مخففاً . { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } أي في مساكنهم ، أو في الأرض بأن جعلكم ملوكاً فإن شداد بن عاد ممن ملك معمورة الأرض من رمل عالج إلى شجر عمان . خوفهم من عقاب الله ثم ذكرهم بإنعامه . { وَزَادَكُمْ فِي الخَلْقِ بَسْطَةً } قامة وقوة . { فَاذْكُروا آلاءَ اللَّهِ } تعميم بعد تخصيص . { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } لكي يفضي بكم ذكر النعم إلى شكرها المؤدي إلى الفلاح . { قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ الله وَحْدَهُ وَنَذَر مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا } استبعدوا اختصاص الله بالعبادة والأعراض عما أشرك به آباؤهم انهماكاً في التقليد وحباً لما ألفوه ، ومعنى المجيء في { أجئتنا } إما المجيء من مكان اعتزل به عن قومه أو من السماء على التهكم ، أو القصد على المجاز كقولهم ذهب يسبني . { فَائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } من العذاب المدلول عليه بقوله { أفلا تتقون } . { إنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقينَ } فيه . { قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ } قد وجب وحق عليكم ، أو نزل عليكم على أن المتوقع كالواقع . { مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ } عذاب من الارتجاس وهو الاضطراب . { وَغَضَبٌ } إرادة انتقام . { أَتُجَادِلُونَني فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ الله بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ } أي في أشياء سميتموها آلهة وليس فيها معنى الإِلهية ، لأن المستحق للعبادة بالذات هو الموجد للكل ، وأنها لو استحقت كان استحقاقها بجعله تعالى إما بإنزال آية أو بنصب حجة ، بين أن منتهى حجتهم وسندهم أن الأصنام تسمى آلهة من غير دليل يدل على تحقق المسمى ، وإسناد الاطلاق إلى من لا يؤبه بقوله إظهاراً لغاية جهالتهم وفرط غباوتهم ، واستدل به على أن الاسم هو المسمى وأن اللغات توقيفية إذ لو لم يكن كذلك لم يتوجه الذم والإِبطال بأنها أسماء مخترعة لم ينزل الله بها سلطاناً وضعفهما ظاهر . { فَانْتَظِرُوا } لما وضح الحق وأنتم مصرون على العناد نزول العذاب بكم . { إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرِينَ } . { فَأَنّجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ } في الدين . { بِرَحْمَةٍ مِنَّا } عليهم . { وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بَآيَاتِنَا } أي استأصلناهم . { وَمَا كَانُوا مُؤْمِنينَ } تعريض بمن آمن منهم ، وتنبيه على أن الفارق بين من نجا وبين من هلك هو الإِيمان . روي أنهم كانوا يعبدون الأصنام فبعث الله إليهم هوداً فكذبوه ، وازدادوا عتواً فأمسك الله القطر عنهم ثلاث سنين حتى جهدهم ، وكان الناس حينئذ مسلمهم ومشركهم إذا نزل بهم بلاء توجهوا إلى البيت الحرام وطلبوا من الله الفرج ، فجهزوا إليه قيل بن عثر ومرثد بن سعد في سبعين من أعيانهم ، وكان إذ ذاك بمكة العمالقة أولاد عمليق بن لاوذ بن سام وسيدهم معاوية بن بكر ، فلما قدموا عليه وهو بظاهر مكة أنزلهم وأكرمهم ، وكانوا أخواله وأصهاره ، فلبثوا عنده شهراً يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان قينتان له ، فلما رأى ذهولهم باللهو عما بعثوا له أهمه ذلك واستحيا أن يكلمهم فيه مخافة أن يظنوا به ثقل مقامهم فعلم القينتين : @ أَلاَ يَا قِيلُ وَيْحَكَ قُمْ فَهَيْنِم لَعَلَّ الله يُسْقِينَا الغَمَامَا فَيُسْقِي أَرْضَ عَادٍ إن عَادا قَد امْسوا مَا يُبينُونَ الكَلاَما @@ حتى غنتا به ، فأزعجهم ذلك فقال مرثد : والله لا تسقون بدعائكم ولكن إن أطعتم نبيكم وتبتم إلى الله سبحانه وتعالى سقيتم ، فقالوا لمعاوية : احبسه عنا لا يقدمن معنا مكة فإنه قد اتبع دين هود وترك ديننا ، ثم دخلوا مكة فقال قيل : اللهم اسق عاداً ما كنت تسقيهم ، فأنشأ الله تعالى سحابات ثلاثاً بيضاء وحمراء وسوداء ، ثم ناداه مناد من السماء يا قيل : اختر لنفسك ولقومك . فقال اخترت السوداء فإنها أكثرهن ماء ، فخرجت على عاد من وادي المغيث فاستبشروا بها وقالوا : { هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } [ الأحقاف : 24 ] فجاءتهم منها ريح عقيم فأهلكتهم ونجا هود والمؤمنون معه ، فأتوا مكة وعبدوا الله سبحانه وتعالى فيها حتى ماتوا . { وَإِلَى ثَمودَ } قبيلة أخرى من العرب سموا باسم أبيهم الأكبر ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح . وقيل سموا به لقلة مائهم من الثمد وهو الماء القليل . وقرىء مصروفاً بتأويل الحي أو باعتبار الأصل ، وكانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى . { أَخَاهُمْ صَالِحاً } صالح بن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود . { قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا الله مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ } معجزة ظاهرة الدلالة على صحة نبوتي وقوله : { هذِهِ نَاقَةُ الله لَكُمْ آيَةً } استئناف لبيانها ، وآية نصب على الحال والعامل فيها معنى الإشارة ، ولكم بيان لمن هي له آية ، ويجوز أن تكون { ناقة الله } بدلاً أو عطف بيان ولكم خبراً عاملاً في { آية } ، وإضافة الناقة إلى الله لتعظيمها ولأنها جاءت من عنده بلا وسائط وأسباب معهودة ولذلك كانت آية . { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ الله } العشب . { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ } نهى عن المس الذي هو مقدمة الإصابة بالسوء الجامع لأنواع الأذى مبالغة في الأمر وإزاحة للعذر . { فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } جواب للنهي .