Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 80-86)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلُوطاً } أي وأرسلنا لوطاً . { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } وقت قوله لهم أو واذكر لوطاً وإذ بدل منه . { أَتَأَتُونَ الفَاحِشَةَ } توبيخ وتقريع على تلك الفعلة المتمادية في القبح . { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ العَالَمِينَ } ما فعلها قبلكم أحد قط . والباء للتعدية ومن الأولى لتأكيد النفي والاستغراق ، والثانية للتبعيض . والجملة استئناف مقرر للإِنكار كأنه وبخهم أولاً بإتيان الفاحشة ثم باختراعها فإنه أسوأ . { أَنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ } بيان لقوله : { أَتَأتون الفاحشة } وهو أبلغ في الإِنكار والتوبيخ ، وقرأ نافع وحفص « إنكم » على الإِخبار المستأنف ، وشهوة مفعول له أو مصدر في موقع الحال وفي التقييد بها وصفهم بالبهيمية الصرفة ، وتنبيه على أن العاقل ينبغي أن يكون الداعي له إلى المباشرة طلب الولد وبقاء النوع ، لا قضاء الوطر . { بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ } إضراب عن الإِنكار إلى الإِخبار عن حالهم التي أدت بهم إلى ارتكاب أمثالها وهي اعتياد الإِسراف في كل شيء ، أو عن الإِنكار عليها إلى الذم على جميع معايبهم ، أو عن محذوف مثل لا عذر لكم فيه بل أنتم قوم عادتكم الإِسراف . { وَمَا كَانَ جَوَابُ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتكُمْ } أي ما جاؤوا بما يكون جواباً عن كلامه ، ولكنهم قابلوا نصحه بالأمر بإخراجه فيمن معه من المؤمنين من قريتهم والاستهزاء بهم فقالوا : { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَّهِرُونَ } أي من الفواحش . { فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ } أي من آمن به . { إلاَّ امْرَأتَهُ } استثناء من أهله فإنها كانت تسر الكفر . { كَانَتْ مِنَ الغَابِرِينَ } من الذين بقوا في ديارهم فهلكوا والتذكير لتغليب الذكور . { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَرًا } أي نوعاً من المطر عجيباً وهو مبين بقوله : { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ } [ الحجر : 74 ] { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } روي : أن لوط بن هاران بن تارح لما هاجر مع عمه إبراهيم عليه السلام إلى الشام نزل بالأردن ، فأرسله الله إلى أهل سدوم ليدعوهم إلى الله وينهاهم عما اخترعوه من الفاحشة ، فلم ينتهوا عنها فأمطر الله عليهم الحجارة فهلكوا . وقيل خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم . { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَـٰهُمْ شُعَيْباً } أي وأرسلنا إليهم ، وهم أولاد مدين بن إبراهيم خليل الله شعيب بن ميكائيل بن بسجر بن مدين ، وكان يقال له خطيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لحسن مراجعته قومه . { قَالَ يَـا قَوْمٌ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيّنَةٌ مّن رَّبّكُمْ } يريد المعجزة التي كانت له وليس في القرآن أنها ما هي ، وما روي من محاربة عصا موسى عليه الصلاة والسلام التنين وولادة الغنم التي دفعها إليه الدرع خاصة وكانت الموعودة له من أولادها ، ووقوع عصا آدم على يده في المرات السبع متأخرة عن هذه المقاولة ، ويحتمل أن تكون كرامة لموسى عليه السلام أو إرهاصاً لنبوته . { فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ } أي آلة الكيل على الإِضمار ، أو إطلاق الكيل على المكيال كالعيش على المعاش لقوله : { وَٱلْمِيزَانَ } كما قال في سورة « هود » { أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ } أو الكيل ووزن الميزان ، ويجوز أن يكون الميزان مصدراً كالميعاد . { وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءهُمْ } ولا تنقصوهم حقوقهم ، وإنما قال أشياءهم للتعميم تنبيهاً على أنهم كانوا يبخسون الجليل والحقير والقليل والكثير . وقيل كانوا مكاسين لا يدعون شيئاً إلا مكسوه . { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ } بالكفر والحيف . { بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا } بعدما أصلح أمرها أو أهلها الأنبياء وأتباعهم بالشرائع ، أو أصلحوا فيها والإِضافة إليها كالإِضافة في { بَلْ مَكْرُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } . { ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } إشارة إلى العمل بما أمرهم به ونهاهم عنه ، ومعنى الخيرية إما الزيادة مطلقاً أو في الإِنسانية وحسن الأحدوثة وجمع المال . { وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلّ صِرٰطٍ تُوعِدُونَ } بكل طريق من طرق الدين كالشيطان ، وصراط الحق وإن كان واحداً لكنه يتشعب إلى معارف وحدود وأحكام ، وكانوا إذا رأوا أحداً يسعى فى شيء منها منعوه . وقيل كانوا يجلسون على المراصد فيقولون لمن يريد شعيباً إنه كذاب فلا يفتنك عن دينك ويوعدون لمن آمن به . وقيل كانوا يقطعون الطريق . { وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني الذي قعدوا عليه فوضع الظاهر موضع المضمر بياناً لكل صراط ، ودلالة على عظم ما يصدون عنه وتقبيحاً لما كانوا عليه أو الإِيمان بالله . { مَنْ ءامَنَ بِهِ } أي بالله ، أو بكل صراط على الأول ، ومن مفعول تصدون على إعمال الأقرب ولو كان مفعول توعدون لقال وتصدونهم وتوعدون بما عطف عليه في موقع الحال من الضمير في تقعدوا . { وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا } وتطلبون لسبيل الله عوجاً بإلقاء الشبه ، أو وصفها للناس بأنها معوجة . { وَٱذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً } عَدَدَكُمْ أو عُدَدَكُمْ . { فَكَثَّرَكُمْ } بالبركة في النسل أو المال . { وَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } من الأمم قبلكم فاعتبروا بهم .