Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 77, Ayat: 1-16)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مكية وآيها خمسون آية بسم الله الرحمن الرحيم { وَٱلْمُرْسَلَـٰتِ عُرْفاً فَٱلْعَـٰصِفَـٰتِ عَصْفاً وٱلنَّـٰشِرٰتِ نَشْراً فَٱلْفَـٰرِقَـٰتِ فَرْقاً فَٱلْمُلْقِيَـٰتِ ذِكْراً } إقسام بطوائف من الملائكة أرسلهن الله تعالى بأوامره متتابعة . فعصفن عصف الرياح في امتثال أمره ، ونشرن الشرائع في الأرض ، أو نشرن النفوس الموتى بالجهل بما أوحين من العلم ، ففرقن بين الحق والباطل ، فألقين إلى الأنبياء ذكراً عذراً للمحقين ونذراً للمبطلين ، أو بآيات القرآن المرسلة بكل عرف إلى محمد عليه الصلاة والسلام ، فعصفن سائر الكتب والأديان بالنسخ ونشرن آثار الهدى والحكم في الشرق والغرب ، وفرقن بين الحق والباطل فألقين ذكر الحق فيما بين العالمين . أو بالنفوس الكاملة المرسلة إلى الأبدان لاستكمالها فعصفن ما سوى الحق ونشرن أثر ذلك في جميع الأعضاء ، ففرقن بين الحق بذاته والباطل في نفسه فيرون كل شيء هالكاً إلا وجهه ، فألقين ذكراً بحيث لا يكون في القلوب والألسنة إلا ذكر الله تعالى . أو برياح عذاب أرسلن فعصفن ، ورياح رحمة نشرن السحاب في الجو ، ففرقن فألقين ذكراً أي تسببن له ، فإن العاقل إذا شاهد هبوبها وآثارها ذكر الله تعالى وتذكر كمال قدرته ، وعرفاً إما نقيض النكر وانتصابه على العلة أي أرسلن للإِحسان والمعروف ، أو بمعنى المتتابعة من عرف الفرس وانتصابه على الحال . { عُذْراً أَوْ نُذْراً } مصدران لعذر إذا محا الإِساءة وأنذر إذا خوف ، أو جمعان لعذير بمعنى المعذرة ونذير بمعنى الإِنذار ، أو بمعنى العاذر والمنذر ، ونصبهما على الأولين بالعلية أي { عُذْراً } للمحقين { أَوْ نُذْراً } للمبطلين ، أو البدل من { ذِكْراً } على أن المراد به الوحي أو ما يعم التوحيد والشرك والإِيمان والكفر وعلى الثالث بالحالية ، وقرأهما أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص بالتخفيف . { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوٰقِعٌ } جواب القسم ومعناه أن الذي توعدونه من مجيء القيامة كائن لا محالة . { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ } محقت أو أذهب نورها . { وَإِذَا ٱلسَّمَاء فُرِجَتْ } صدعت . { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } كالحب ينسف بالمنسف . { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقّتَتْ } عين لها وقتها الذي يحضرون فيه للشهادة على الأمم بحصوله ، فإنه لا يتعين لهم قبله ، أو بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره ، وقرأ أبو عمرو « وقتت » على الأصل . { لأَيّ يَوْمٍ أُجّلَتْ } أي يقال لأي يوم أخرت ، وضرب الأجل للجمع وهو تعظيم لليوم وتعجيب من هوله ، ويجوز أن يكون ثاني مفعولي { أُقّتَتْ } على أنه بمعنى أعلمت . { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } بيان ليوم التأجيل . { وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } ومن أين تعلم كنهه ولم تر مثله . { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } أي بذلك ، و { وَيْلٌ } في الأصل مصدر منصوب بإضمار فعله عدل به إلى الرفع للدلالة على ثبات الهلك للمدعو عليه ، و { يَوْمَئِذٍ } ظرفه أو صفته . { أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } كقوم نوح وعاد وثمود ، وقرىء « نُهْلِكِ » من هلكه بمعنى أهلكه .